وعلى الجملة: فالأعيان الخارجية التي هي من قبيل الجواهر غير قابلة للتقدير بالزمن والتحديد به، فإن القابل للتقدير والتحديد به إنما هو المعنى الحدثي، يعني الأعراض والأمور الاعتبارية، كالضرب والقيام وما شاكلهما.
ومن هنا قلنا: إن المنفعة قابلة للتقدير بالزمن كمنفعة شهر أو سنة أو نحو ذلك، وعليه فلا مانع من اعتبار ملكية المنفعة المتأخرة من الآن بأن تكون الملكية فعلية والمملوك أمرا متأخرا، بل هو واقع في باب الإجارة (1).
وأما النقطة الثانية: فقد استند الشيخ (قدس سره) في إثباتها بما حاصله: أن الإنسان إذا توجه إلى شئ والتفت إليه فلا يخلو من أن يطلبه، أم لا، ولا ثالث في البين، ولا كلام على الثاني.
وعلى الأول فأيضا لا يخلو: من أن الفائدة تقوم بطبيعي ذلك الشئ من دون دخل خصوصية من الخصوصيات فيها، أو تقوم بحصة خاصة منه.
وعلى الأول: فبطبيعة الحال يطلبه المولى على إطلاقه وسعته. وعلى الثاني يطلبه مقيدا بقيد خاص، لفرض عدم قيام المصلحة إلا بالحصة الخاصة - وهي الحصة المقيدة بهذا القيد - لا بصرف وجوده على نحو السعة والإطلاق. وهذا القيد مرة يكون اختياريا، ومرة أخرى غير اختياري.
وعلى الأول: تارة يكون موردا للطلب والبعث، وذلك كالطهارة - مثلا - بالإضافة إلى الصلاة، وتارة أخرى لا يكون كذلك، بل اخذ مفروض الوجود، وذلك كالاستطاعة بالإضافة إلى الحج، فإن المولى لم يرد الحج مطلقا من المكلف، وإنما أراد حصة خاصة منه وهي الحج من المكلف المستطيع.
وعلى الثاني: فهو لا محالة أخذ مفروض الوجود في مقام الطلب والجعل، لعدم صحة تعلق التكليف به، وذلك كزوال الشمس - مثلا - بالإضافة إلى وجوب الصلاة، فإن المولى لم يطلب الصلاة على نحو الإطلاق، بل طلب حصة خاصة