يتصور فيها النقص أبدا فهو سلطان مطلق، وفاعل ما يشاء، وهذا بخلاف سلطنة العبد حيث إنها ناقصة بالذات فيستمدها في كل آن من الغير، فهو من هذه الناحية مضطر فلا اختيار ولا سلطنة له، وإن كان له اختيار وسلطنة من ناحية أخرى، وهي ناحية إعمال قدرته وسلطنته. وأما سلطنته تعالى فهي تامة وبالذات من كلتا الناحيتين.
لحد الآن قد تبين: أن القول بالوجود المنبسط بإطاره الفلسفي الخاص وبواقعه الموضوعي يستلزم الجبر في فعله تعالى، ونفي القدرة والسلطنة عنه، أعاذنا الله من ذلك.
الثاني (1): أن ما أفاده (قدس سره) من المعنى للحديث المذكور خلاف الظاهر جدا، فإن الظاهر منه بقرينة تعلق الخلق بكل من المشيئة والأشياء تعدد المخلوق، غاية الأمر أن أحدهما مخلوق له تعالى بنفسه وهو المشيئة، والآخر مخلوق له بواسطتها.
وإن شئت قلت: إن تعدد الخلق بطبيعة الحال يستلزم تعدد المخلوق، والمفروض أنه لا تعدد على المعنى الذي ذكره (قدس سره) تبعا لبعض الفلاسفة، فإن المخلوق على ضوء هذا المعنى هو الوجود المنبسط فحسب دون غيره من الأشياء، لأن موجوديتها بنفس الوجود المنبسط لا بإيجاد آخر، مع أن ظاهر الرواية بقرينة تعدد الخلق أن موجوديتها بإيجاد آخر.
وقد تحصل من ذلك: أن ما أفاده (قدس سره) لا يمكن الالتزام به ثبوتا ولا إثباتا.
(3) نظرية الأشاعرة " مسألة الجبر " ونقدها استدلوا على الجبر بوجوه:
الأول: ما إليكم نصه: (لو كان العبد موجدا لأفعاله بالاختيار والاستقلال