وذلك لأن رفع اليد عن الإطلاق البدلي أولى من رفع اليد عن الإطلاق الشمولي (1).
وغير خفي أن هذا الوجه ينحل إلى دعويين:
الأولى: دعوى كبروية، وهي تقديم الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي.
الثانية: دعوى أن مسألتنا هذه من صغريات تلك الكبرى الكلية.
وقد ناقش المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في الكبرى بعد تسليم أن المقام من صغرياتها بما إليك لفظه: (فلأن مفاد إطلاق الهيئة وإن كان شموليا بخلاف المادة إلا أنه لا يوجب ترجيحه على إطلاقها، لأنه أيضا كان بالإطلاق ومقدمات الحكمة، غاية الأمر أنها تارة تقتضي العموم الشمولي، واخرى البدلي، كما ربما تقتضي التعيين أحيانا كما لا يخفى، وترجيح عموم العام على إطلاق المطلق إنما هو لأجل كون دلالته بالوضع، لا لكونه شموليا بخلاف المطلق فإنه بالحكمة، فيكون العام أظهر فيقدم عليه، فلو فرض أنهما في ذلك على العكس فكان عام بالوضع دل على العموم البدلي، ومطلق بإطلاقه دل على الشمول لكان العام يقدم بلا كلام) (2).
وهذا الذي أفاده (قدس سره) من منع الكبرى في غاية الصحة والمتانة، ولا مناص عنه، ضرورة أن الملاك في الجمع الدلالي إنما هو بأقوائية الدلالة والظهور. ومن الطبيعي أن ظهور المطلق في الإطلاق الشمولي ليس بأقوى من ظهوره في الإطلاق البدلي، لفرض أن ظهور كل منهما مستند إلى تمامية مقدمات الحكمة، وبدونها فلا مقتضي له.
نعم، لو كان ظهور أحدهما مستندا إلى الوضع والآخر إلى مقدمات الحكمة قدم ما كان بالوضع على ما كان بالمقدمات كما عرفت.
وأما شيخنا الأستاذ (قدس سره) فقد اختار مقالة شيخنا الأنصاري (قدس سره): من تقديم الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي، وخالف بذلك المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)، واستدل على ذلك بأمور ثلاثة: