وثالثة لا هذا ولا ذاك، بل هو ممتنع عادة، ككونه على السطح بلا نصب السلم حيث لا يلزم من فرض وقوع الطيران أو القوة الخارقة للعادة له محال، لعدم استحالتهما. وإنما يستحيل بلا نصب السلم بالقياس إلى عادم الجناح وعادم القوة الخارقة.
فالنتيجة: أن المقدمة في الحقيقة هي الجامعة بين الطيران ونصب السلم، وحيث إن الفرد الأول غير متحقق انحصر الجامع في الفرد الأخير، وهو نصب السلم. فإذا ترجع المقدمة العادية على ضوء هذا التفسير إلى المقدمة العقلية، فلا معنى لذكرها في قبالها.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة، وهي: أن الصحيح من هذه التقسيمات للمقدمة هو التقسيم الأول والثاني، ولا وقع للتقسيم الثالث.
الشرط المتأخر ينقسم الشرط إلى: الشرط المتأخر، والمتقدم، والمقارن.
وقد أشكل على الشرط المتأخر: بأن الشرط من أجزاء العلة التامة، ومن البديهي أن العلة بكافة أجزائها تتقدم على المعلول رتبة وتعاصره زمنا، فلا يعقل تأخر جزء من أجزائها عنه، ومعه كيف صار الشرط متأخرا عن المشروط؟
وربما يتوهم: أن الشرط ليس هو ذات الوجود الخارجي ليستحيل تأخره عن المشروط، بل الشرط إنما هو وجوده المتأخر بوصف تأخره، فالعلة لم تتأخر عن المعلول، بل المتأخر بوصف تأخره يكون علة تامة.
ويرده: أنه مجرد وهم، فلا واقع موضوعي له أصلا، وذلك لأن لازم هذا هو أن يكون الشئ المعدوم بوصف أنه معدوم مؤثرا في وجود الشئ، لفرض أن الشرط - كما عرفت - من أجزاء العلة التامة المؤثرة في الوجود، ومع عدمه فالعلة التامة غير موجودة، ومعه كيف يعقل وجود المعلول؟
وعلى الجملة: فالشئ المتأخر لا يعقل أن يكون مؤثرا في المتقدم لا بوصف كونه متأخرا ولا بوصف كونه معدوما، إذ على كلا التقديرين يلزم وجود المعلول