على الإرادة وهي صفة ضعفها، فإنها حد عدمي خاطئة جدا، وذلك لأن الإرادة بشتى ألوانها وأشكالها محدودة بحد، من دون فرق في ذلك بين الإرادة الشديدة والضعيفة، كيف، فإنهما مرتبتان متضادتان من الإرادة؟ وعليه، فبطبيعة الحال يكون لكل منهما حد خاص.
وإن شئت فقل: إن الإرادة التي هي واقع الوجوب وروحه من الأمور الممكنة، ومن البديهي أن كل ممكن محدود بحد خاص، غاية الأمر يزيد الوجوب على الندب بشدة الإرادة.
وعلى هذا الضوء فكما لا يمكن التمسك بإطلاق الصيغة لإثبات الندب فكذلك لا يمكن التمسك بإطلاقها لإثبات الوجوب، بل لابد من التوقف، لفرض احتياج كل منهما إلى بيان زائد.
الثالث: لو تنزلنا عن ذلك أيضا وسلمنا أن الإرادة الشديدة غير محدودة بحد بخلاف الإرادة الضعيفة إلا أنه مع ذلك لا يمكن التمسك بإطلاق الصيغة والحمل على الوجوب. والسبب في ذلك: أن بساطة الإرادة الشديدة وتركب الإرادة الضعيفة إنما هما بالنظر الدقي العقلي، وليستا من المتفاهم العرفي. ومن الطبيعي أن الإطلاق إنما يعين ما هو المتفاهم عرفا دون غيره، وحيث إن بساطة تلك المرتبة وعدم وجود حد لها، وتركب هذه المرتبة ووجود حد لها أمران خارجان عن الفهم العرفي، فلا يمكن حمل الإطلاق على بيان المرتبة الأولى دون الثانية.
ونظير ذلك: ما إذا أطلق المتكلم كلمة " الوجود " ولم يبين ما يدل على إرادة سائر الموجودات أفهل يمكن حمل إطلاق كلامه على إرادة واجب الوجود نظرا إلى عدم تحديده بحد وتحديد غيره من الموجودات به؟ كلا!! والسر فيه: ما عرفت (1) من أن المعنى المذكور خارج عن المتفاهم العرفي.
والتحقيق في المقام أن يقال: إن تفسير صيغة الأمر مرة بالطلب، ومرة أخرى بالبعث والتحريك، ومرة ثالثة بالإرادة لا يرجع بالتحليل العلمي إلى معنى محصل،