نعم، فرق بينهما في نقطة أخرى، وهي: أن القرينة إذا كانت متصلة أوجبت إجمالهما من الأول، وإذا كانت منفصلة أوجبت سقوط إطلاقهما عن الاعتبار.
وقد تحصل من ذلك: أن تقييد الهيئة لا يستلزم تقييد المادة بالمعنى الذي ذكرناه: وهو كون التقيد تحت الطلب كغيره من الأجزاء. نعم، تقييدها وإن استلزم تقييد المادة بمعنى آخر - وهو عدم وقوعها على صفة المطلوبية إلا بعد تحقق قيدها - إلا أنه غير قابل للبحث، حيث إنه يترتب على تقييد الهيئة قهرا، ولا صلة له بمحل البحث أصلا.
الواجب المعلق قسم المحقق صاحب الفصول الواجب: إلى واجب مشروط - وهو ما يرجع القيد فيه إلى مفاد الهيئة - ومطلق، وهو ما يرجع القيد فيه إلى مفاد المادة.
ثم قسم المطلق: إلى واجب منجز - وهو ما كان الواجب فيه كالوجوب حاليا - ومعلق، وهو ما كان الوجوب فيه حاليا، والواجب استقباليا يعني: مقيدا بزمن متأخر (1).
وإن شئت قلت: إن الواجب تارة مقيد بقيد متأخر خارج عن اختيار المكلف من زمان أو زماني، وتارة أخرى غير مقيد بقيد كذلك. وعلى الأول فالوجوب حالي والواجب استقبالي، وعلى الثاني فكلاهما حالي.
ويمتاز هذا التقسيم عن التقسيم الأول في نقطة واحدة، وهي: أن التقسيم الأول بلحاظ الوجوب، وهذا التقسيم بلحاظ الواجب، وعليه فتوصيف الواجب بالمطلق والمشروط توصيف بحال الغير.
وقد أنكر هذا التقسيم شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره)، وقال: بأنا لا نعقل للواجب ما عدا المطلق والمشروط قسما ثالثا يكون هو المعلق (2).
ولكن غير خفي أن إنكاره (قدس سره) للواجب المعلق يرجع في الحقيقة إلى إنكاره للواجب المشروط عند المشهور، دون الواجب المعلق عند صاحب الفصول (قدس سره)،