ولو صح ذلك لصح مع لحاظ عدم صدوره منه، مع أنه لا معنى له.
ورجوعه إلى اعتبار التسبيب، مما لا بأس به، إلا أن ما هو سبب هذا الاعتبار أيضا معنى حدثي، وهو التسبيب الذي هو فعل مباشري للمكلف، وفيما نحن فيه لا يعتبر التسبيب أيضا، كما عرفت.
وإن أريد الصدور أو التسبيب فهو صحيح، ولكنه ليس فيما نحن فيه كذلك، لسقوط الواجب بفعل المتبرع.
وبالجملة: كيف يعتبر هذا النحو من التكليف؟
وينحل هذا الإعضال: بأن هناك داعيا يقتضي ذلك، وبلحاظه يصح هذا النحو من الاعتبار، وهو أن المولى يجد لزوم فراغ الذمة، ويجد أنه لا معنى لاستحقاق الكل للعقاب عند التخلف عنه، ويجد أنه إذا حصل بأي سبب فهو يفي بمطلوبه ومرامه، فلا بد وأن يوجه التكليف إلى شخص خاص، بداعي استحقاقه العقاب عند الترك، وأن لا ثواب له عندما يتكفله الآخرون، كما في الكفائي.
فلا يعتبر في إيجاب شئ على المكلف، الالتزام بصدوره منه مباشرة، بل النظر إلى إفادة أنه عند ترك الكل، يستحق العقاب والعتاب، فلاحظ وتدبر جيدا.
وبعبارة أخرى: هذا التقسيم من عوارض الوجوب العيني، والعينية ليست متقومة بلزوم صدور الفعل من المكلف، بل تتقوم بكونه المسؤول عند الإخلال به، دون الآخرين.