النهي التحريمي يدل على الصحة، وأن هذه الروايات تشهد على استتباع النهي للصحة " (1) كما يأتي عن أبي حنيفة وغيره (2).
بتقريب: أن المراد من العصيان المنفي عن العبد، هي مخالفة عمله للقانون الشرعي في الحكم الوضعي، فيكون مفاد كلامه (عليه السلام) هو أن العبد في نكاحه بغير إذن سيده، لم يأت بمعاملة غير مشروعة، وأن تصرفه في نفسه بالنكاح بغير إذن سيده، لا يبطل مشروعية المعاملة التي أتى بها.
غاية الأمر أن نفوذ هذه المعاملة ولزومها في حق العبد، متوقف على رضا سيده بها، لأنها معاملة أجراها في مال غيره، فيكون عصيان العبد للنهي التكليفي، غير ضار بمشروعية النكاح الذي أوقعه بغير إذن سيده، وذلك يدل على أن عصيان النهي المولوي في المعاملة المشروعة، لا يوجب فسادها وعدم مشروعيتها (3).
وبعبارة أخرى: لو كان عصيان الله موجبا للفساد، لكان معاملة العبد ونكاحه باطلا وفاسدا، لأنه عصيان الله تعالى، فيعلم منه أن الفساد ليس تحت العصيان لله، بل هو تحت الأمر الآخر، وهو عدم إمضائه تعالى إياه، فكل معاملة كانت مما شرعها الله تعالى تكون صحيحة بالضرورة وإن كانت عصيانا له تعالى، وكل معاملة كانت غير مشروعة - كنكاح المحارم والنكاح في العدة - كانت باطلة، سواء كانت محرمة أيضا تكليفا، أم كانت محرمة تشريعا، أو لم تكن بمحرمة رأسا.
وإن شئت قلت: إنه على هذا يصح أن يقال: إن العبد في تزويجه لم يعص الله تعالى، لأنه ليس متصرفا في سلطان الله تعالى بالتشريع، وليس متدخلا في منطقة نفوذه وقدرته التشريعية، وإنما عصى سيده، لأنه متدخل في سلطانه وحدود مملكته