العبادات الذاتية متعذرا، وذلك:
أما في المعاملات، فلأن ما هو المنهي هي المعاملات الرائجة العرفية المتعارفة الخارجية بين العقلاء، وتلك العناوين قابلة للوجود قبل النهي وبعده بالضرورة، ويكون المتخلف عاصيا وفاسقا، كما إذا أتى بسائر المحارم الإلهية.
نعم، الشرع بعد هذا التحريم حرم الأمر الآخر: وهو ترتيب الآثار عليها، وقد مضى أن تصرفات الشرع في حدود المعاملات لا تزيد على ذلك، ولا يلزم من تصرفاته في توسعة القيود وتضييقها، توسعة المفهوم اللغوي والعرفي بالضرورة (1).
فما هو الممتنع هو أن يكون المحرم بالتحريم الشرعي، المعاملة التي هي صحيحة عرفا ونافذة شرعا، ومع ذلك تكون فاسدة بالنهي التحريمي.
وأما الذي هو مورد التحريم هنا، فهو عين ما هو مورد التحريم في سائر المحرمات، وهي الطبائع العرفية، فكما أن المحرم هو طبيعة شرب الخمر في نظر العرف، كذلك الأمر في تحريم بيع الزيادة والقرض الربوي والإجارة بالأكثر وهكذا، فلا يلزم التخلف والامتناع.
وأما في العبادات الذاتية، فمقدوريتها واضحة، وقد كانت الأعراب يعبدون الأوثان والأصنام، فحرم الله تعالى عليهم عبادتها، وهي مقدورة قبله وبعده بالضرورة.
نعم، العبادات التي تكون عباديتها بالأمر، مورد الإشكال علينا وعلى أبي حنيفة، وذلك لأن أبا حنيفة وغيره يعلم بامتناع اجتماع الأمر والنهي في المتعلق الواحد، وعلى هذا إذا كان النهي متعلقا بالعبادة المتقومة بالأمر، يلزم اجتماعهما، فلا يكون النهي دليلا على الصحة، لامتناع تحققه وتعانقه مع الأمر رأسا، لأن أصحابنا فرضوا أن النهي في العبادات موجب للفساد، مع أنه لا يعقل