التدخل في سلطان الله التشريعي ليس من المحرمات، بل المحرم هو التشريع، ومن الممكن الإتيان بما لم يشرعه الله تعالى برجاء الحلية، من غير أن يرتب عليه الأثر، فتدبر وتأمل.
ولعمري، إن القائلين بأن هذه الأخبار ناظرة إلى تلك المقالة، معتقدون بأن الأظهر هو أن العبد ليس بعاص لله في تزويجه، وإنما عصى سيده بالنسبة إلى عنوان " التزويج " وأنه إذا أتى بنكاح المحارم يكون عاصيا لله، فيكون باطلا، ولكنهم لأجل الشبهة المزبورة وقعوا في هذه المخمصة، ولو انحلت الشبهة فالأخذ بذلك متعين.
ولقد علمت منا في بحوث الاجتماع والامتناع: أن هذه المآثير راجعة إلى مسألة الاجتماع والامتناع، وذكرنا هناك أن زرارة وابن حازم - تبعا للحكم ابن عتيبة والنخعي - كانا يقولان بالامتناع، فكانا يريان أن عنوان " مخالفة السيد وعصيانه " محرم شرعا، والنكاح المزبور محقق العصيان، ومحقق عنوان " المخالفة " فيكون النكاح أيضا محرما، غافلين عن أن ما هو المحرم بالذات هو عنوان " المخالفة " وهو عنوان عرضي بالنسبة إلى النكاح الخارجي، وما هو المحلل هو عنوان " النكاح " وهو عنوان ذاتي بالنسبة إلى ما في الخارج، وبين العنوانين عموم من وجه، والإمام (عليه السلام) بصدد بيان أن حرمة مخالفة السيد أجنبية عن أصل النكاح، فإنه في أصل الشرع محلل، ويشهد لذلك شواهد اخر، فراجع تلك المسألة (1) تعرف إن شاء الله تعالى.
وغير خفي: أن هذه الأخبار - مضافا إلى شهادتها على جواز الاجتماع، وعلى جواز اجتماع العنوانين الذاتي والعرضي - تشهد على جواز اجتماع عنوانين، أحدهما: أصيل، والآخر انتزاعي، ويكون من العناوين التوليدية فتدبر.