قلت: نعم، إن التشريع من المحرمات الذاتية بلا كلام، وعليه النص (1) والفتوى (2)، ويكون مثل شرب الخمر، وأما الفعل المأتي به تشريعا فهو مورد الخلاف، وقد أنكرنا حرمته وقبحه الموجب لحرمته (3).
بل لنا أن نقول: لو كان في مورد الإتيان بالتشريع الذي هو الأمر الخارجي المشتمل على النسبة إلى الشرع العمل محرما، يلزم تعدد العقاب: عقاب على العمل المأتي به القبيح لأجل التشريع، وعقاب على نفس التشريع الذي هو المحرم ذاتا، وهذا مما لا يمكن المساعدة عليه بالضرورة.
فبالجملة تحصل: أن في موارد الحرمة التشريعية يكون المحرم هو إسناد وجوب الصلاة، أو إسناد مندوبيتها إليه تعالى، مع عدم العلم بذلك، أو الإتيان بالفعل بعنوان أنه مشروع في الشريعة الإسلامية متجزما به، وأما الجزم فهو مع عدم العلم غير معقول بالضرورة، وأما نفس الصلاة فهي خارجة عن مصب التحريم بعنوانها الذاتي.
وإن شئت قلت: معروض الحرمة التشريعية عنوان " الإتيان " دون ذات الصلاة والطبيعة، فلا وجه لبطلانها من حيث هي هي، لعدم المفسدة فيها.
بل في الصورة الأولى تكون هي المأمور بها، مع أنه لا يعقل اجتماع الأمر والنهي، مثلا إذا اعتقد المشرع أن صلاة الأعرابي ليست من الشرع، فأتى بها تشريعا، وكانت مورد الأمر مثلا في يوم الغدير، فإنه تصح صلاته وإن كان في الإتيان بها بالعنوان المزبور آثما وعاصيا.
وهكذا في صورة عدم كونها مورد الأمر، وكانت ذات مصلحة واقعية وملاك حسن، فإنه إذا تبين له ذلك صحت صلاته أيضا.