الفضولي كاشفة (1)، لأن البيع الواقع من الفضولي لا يتردد بين الوجودين: الانشائي، والفعلي، حتى يقال: بأن الإجازة ناقلة، ويصير بها فعليا، بل البيع إما يوجد بالحمل الشائع ويؤثر، أو لا يكون قابلا للحوق الإجازة، وحيث إن الشرع والعرف على صحة الفضولي فيعلم: أن حقيقة البيع وتمام ماهيته تحصل بعمل الفضولي، وتكون الإجازة كاشفة.
أقول: تنحل هذه المعضلة على مسلكنا في المسألة، وذلك لما عرفت من أن الكلام ليس حول الصحة والفساد (2)، وأن ما اشتهر: " من أن مناط الاندراج في محط النزاع إمكان الاتصاف بالصحة والفساد " مما لا أصل له، بل المناط إمكان استتباع النهي لجهة وضعية زائدا على جهة تكليفية، فإنه إذا أمكن ذلك ثبوتا، كان للبحث عن دلالة النهي على تلك الجهة أو اقتضائه وجه، وإلا فلا.
وفيما نحن فيه يكون الأمر كذلك، ضرورة أن النهي المتعلق بالمعاملة يمكن أن يستتبع جهة وضعية، وهو أن المنهي ليس قابلا لأن يتوصل به إلى السبب المقصود، ويكون ساقطا عن تلك القابلية، سواء كان ذلك بسقوط صفة القابلية، أو بعدم تحققه رأسا.
هذا، ويمكن أن يقال: بأن تقابل الصحة والفساد كما عرفت (3)، ليس من العدم والملكة الحقيقيين، حتى يلزم من إمكان الاتصاف بالصحة إمكان الاتصاف بالفساد، بل يمكن أن يوصف شئ بالصحة عند الوجود، ولا يوصف بالفساد، لانتفاء الموضوع وانعدامه.