منتهى الأصول - حسن بن على أصغر الموسوي البجنوردي - ج ١ - الصفحة ٤١٣
(إشكال ودفع) (أما الأول) فهو أن ألفاظ المعاملات موضوعة للمسببات، والمسببات يدور أمرها بين الوجود والعدم، ولا تتطرق إليها الصحة و الفساد، فلا يبقى مجال للنزاع في أن النهي في المعاملات يدل على الفساد أو لا؟.
(وأما الثاني) - أي الدفع - فهو أن العقود آلات لانشاء المعاملات، فالمنشئ يوجد المعاملة بتلك الآلة غاية الامر آلية تلك الآلات تشريعية لا تكوينية كالقدوم للنحت، فمعنى النهي عن معاملة هو النهي عن إيجادها بتلك الآلة، فيبقى المجال للتكلم في أنه هل مثل هذا النهي يدل على عدم ترتب الأثر على مثل هذا الايجاد بمثل تلك الآلة أو لا؟ فمن يقول بأن النهي يدل على الفساد يقول بعدم ترتيب الأثر على مثل ذلك الايجاد، ومن يقول بعدم دلالته على الفساد يقول بترتيب أثر تلك المعاملة على ذلك الايجاد.
ثم إنهم اختلفوا في أن الصحة والفساد هل هما مجعولان بالجعل الاستقلالي التشريعي كالملكية والزوجية، أو منتزعان عن مطابقة المأتي به للمأمور به في العبادات، ولما جعل موضوعا للأثر بمعنى أن الشارع رتب الأثر عليه في المعاملات.
والحق هو الثاني، وذلك من جهة أن أثر الصحة ونتيجتها في العبادات هو الاجزاء وعدم لزوم الإعادة والقضاء. وهذا يترتب على مطابقة المأتي به للمأمور به. وفي المعاملات هو ترتيب أثر تلك المعاملة على المأتي به في الخارج، فالصحة في كلا البابين تنتزع من تلك المطابقة، كما أن الفساد أيضا ينتزع من عدم تلك المطابقة. و نفس المطابقة أمر تكويني وليست من المجعولات في عالم الاعتبار.
نعم ربما يحكم الشارع بالمطابقة الظاهرية في بعض الموارد مع الشك فيها واقعا، كما في موارد قاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحة بجعل الموجود بدلا عن الواقع التام، أو بالتوسعة في مقام الامتثال، ففي مثل هذه الموارد يمكن أن يقال بأن منشأ انتزاع الصحة مجعول شرعي وإلا ففي غالب الأحيان لا هما مجعولان ولا منشأ انتزاعهما.
(٤١٣)
مفاتيح البحث: النهي (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»