أقول: لا خير في إطالة الكلام حول المسألة بعد وضوحها، ضرورة أن الصحة - كما عرفت (1) - ليست من التبعات والعوارض الملحوظة في نشأة تقدير الشئ ونشأة الذهن، بل الطبائع في هذه النشأة تعتبر مع قيود وخواص وآثار، على نعت قابليتها بالنسبة إليها، وتلك القيود والتبعات إما مندرجة في المقولات حقيقة، أو تكون اعتبارا من تلك المقولات، كما في الطبائع الاعتبارية والماهيات العرفية والاختراعية.
وإذا صارت تلك الطبيعة - على ما كانت متقدرة بالخصوصيات - خارجية وفي الأعيان، ينتزع منها الصحة، وإلا فربما ينتزع منها " المعيب " وربما ينتزع منها عناوين " الباطل، والعاطل، والفاسد، والناقص " من غير اندراج هذه العناوين تحت اللحاظ والاعتبار، فلا تنالها يد الجعل تكوينا، ولا تشريعا.
نعم، يمكن أن تكون الطبيعة ذات عرض عريض بالنسبة إلى حالات المكلفين، فتكون ذات أجزاء وشروط تتراوح بين العشرة إلى العشرين، فيكون ينتزع الصحة منها في فرض دون فرض، من غير إمكان انتزاع الصحة من الطبيعة الناقصة بعد كونها متقدرة بالأجزاء البالغة إلى العشرين مثلا بالضرورة.
نعم، للشرع صرف النظر عن أمره وتكليفه، وأن لا يوجب الإعادة ولا القضاء، ولكنه ليس جعل الصحة للمأتي به إلا ادعاء، بداعي انتقال المكلف إلى عدم التزامه بتكليفه، وإلا فمع التزامه بالتكليف التام لا يعقل اعتبار الصحة والاجتزاء بالناقص، كما هو الواضح، وقد نص عليه السيد الوالد المحقق - مد ظله - (2) فليلاحظ جيدا.
نعم، يتوجه إليه - مد ظله -: أنه ظن حسب ما اعتقده فيما سلف " أن وجه امتناع جعلهما أن الصحة والفساد من أوصاف الفرد الموجود من الماهية المخترعة،