الإشكال الثاني:
أن النسبة بين الصلاة والتصرف في مال الغير وإن كانت بحسب المفهوم عموما من وجه، ولكن بعد كونهما موضوعين للحكم تكون النسبة عموما مطلقا، وذلك لما عرفت من أن الأمر يتعلق بنفس الطبيعة من غير انحلال، والنهي يتعلق بالطبيعة على وجه الانحلال، ولا يتصور الانحلال إلا بكثرة الموضوع، ولا تتكثر الطبيعة الموضوعة إلا بلحاظ ورود العوارض والخصوصيات، فيسري النهي إلى المصداق للصلاة، فتكون النسبة بين الفرد من الصلاة والطبيعة، عموما وخصوصا مطلقا، فالنسبة بين المتعلقين دائما عموم مطلق، وتصير النتيجة أن المسألة - على القول بالجواز - تكون من صغريات النهي في العبادات، أو تصير خارجة عن محط نزاع الاجتماع والامتناع على الوجه الذي قويناه (1).
أقول: قد مر منا بعض الكلام في بحث المائز بين هذه المسألة، ومسألة النهي في العبادات (2)، وقد استفدنا هذا الإشكال من بعض تنبيهات السيد الأستاذ البروجردي (قدس سره) (3) وقد فرغنا من فساده بما لا مزيد عليه، من أن نتيجة الانحلال ليست كون متعلق النهي الأفراد، كما أنه (قدس سره) قد أنكر ذلك أشد الانكار (4)، فإذا كان النهي - ولو ينحل إلى الكثير - غير متعلق بالأفراد بعد الانحلال أيضا، فلا بد من بقاء النسبة على العموم من وجه، وذلك إما بدعوى انحلاله إلى الفرد الذاتي، من غير كون المنضمات داخلة في مصب النهي (5).