الجدران والأذان، فإنه - حسب ما قربناه في محله (1) - يكون دليله ناظرا إلى إفادة بعد معين، ومقدار خاص من البعد عن البلد، ويكون هو السبب للانقلاب، دون الخصوصيات المأخوذة في الدليل.
الشبهة الرابعة ما مر من الشبهات كان راجعا إلى مقام الجعل والتشريع، وهنا شبهة في مقام الامتثال المستلزمة للإشكال في مقام الجعل:
وهي أن مقتضى بناء الفقهاء في الواجبات التخييرية، جواز الجمع بين الأطراف في زمان واحد بالضرورة، وعلى هذا يتوجه السؤال عما به يتحقق الامتثال؟ ولا يعقل الإهمال الثبوتي، ولا يمكن تعيين أحدها، ولا كلها:
أما الأول: فللزوم الترجيح بلا مرجح.
وأما الثاني: فلأن الوجوب الواحد يسقط بالواحد.
وأما توهم: أن الجامع هو المسقط، فهو ممتنع، لعدم كونه مورد الأمر، ولا موجودا آخر وراءهما.
فعليه لا بد من دعوى: أن الجامع هو مورد الأمر، ويكون الإتيان بهما موجبا لسقوط الأمر، كما إذا جمع بين المصداقين من الصدقة فيما كانت الصدقة مورد الأمر، فيثبت انتفاء الوجوب التخييري مطلقا، إلا فيما لا يمكن جمعهما عرضا.
أقول: قد مضى فيما سبق، أنه في الواجب التخييري تكون الإرادة والإيجاب والبعث متعددة، حسب تعدد الأطراف (2)، والمفروض جواز اجتماع الأطراف أيضا، فيعلم منه أن الأغراض ليست متضادة، فعليه يكون الجمع بينها موجبا لتحصيل