ومن القسم الثاني جميع الأمور الاعتبارية، فإنها عناوين ذهنية، إلا أن للاعتبار عرضا عريضا، ولأجله يعتبر الشئ في الخارج من غير اشتغال الخارج به تكوينا، وذلك مثل الملكية والحرية والرقية وغيرها، ومثل الوجوب والندب التعينيين، فإن الشئ يوصف بالبياض معينا، وبالوجوب والإمكان معينا، وبالوجوب والندب معينا، ولكن لا يوصف بالبياض التخييري، أو بالملكية التخييرية، أو الإمكان والوجوب التخييريين، فكيف يوصف بالوجوب التخييري، وكيف يصح أن يقال: " هذا واجب وموصوف بالوجوب التخييري "؟!
ولو صح في الاعتباريات ذلك، لصح أن يقال: " هذا موصوف بالملك التخييري " أي مردد بين كونه لزيد أو لعمر بالترديد الواقعي، وإلا ففي موارد العلم الاجمالي يتردد المعلوم بالإجمال بين الأطراف، ولكنه ليس ترددا واقعا، بل هو متعين واقعا، ومجهولة بعض خصوصياته، مثل خصوصية مقولة الأين في الخمر، والتردد بين كونها في هذا الإناء، أو الإناء الآخر، فلعدم الاطلاع على بعض الخصوصيات، مع الاطلاع على أصل وجوده في البين، يقال: " إن المعلوم مردد بين كذا وكذا ".
ولأجل مثل هذا قيل: " إن في الواجب التخييري يكون الواجب أحد الأطراف معينا " (1) ولعل من يقول بذلك يعتقد بعدم وجوب الموافقة القطعية هنا، ويكفي الموافقة الاحتمالية، فلاحظ وتدبر.
أقول:
اعلم أولا: أن الأغراض في الواجبات التخييرية - بنحو كلي - تكون مختلفة:
فتارة: يمكن أن يكون للمولى أغراض إلزامية، إلا أن مصلحة التسهيل