وذاكرين أن التخيير بين القصر والإتمام من التخيير بين المتباينين (1).
اللهم إلا أن يقال: بأن الأقل بشرط لا، غير ممكن أن يكون مورد الأمر، حتى يمكن التخيير بينه وبين الأكثر، وذلك لأن الحد أمر عدمي لا واقعية له، ولا يعقل كونه داخلا في الغرض، أو مؤثرا في شئ، والذي يقوم به الغرض هو نفس المحدود بوجوده الواقعي. نعم ربما يكون الزائد مضرا ومانعا، أو غير لازم، فلا يأمر به أو ينهى عنه.
وأما التخيير بين القصر والتمام في أماكن التخيير، فهو ليس من التخيير في التكليف الشرعي، ضرورة أن القصر والإتمام ليسا من الواجبات النفسية، بمعنى أنه يجب عليه إما القصر، أو الإتمام، بل يجب عليه صلاة الظهر، وإذا كان في أماكن التخيير يجوز له أن يأتي بالسلام في التشهد الأول، ويجوز له أن يأتي به في الثاني، فلا يكون هناك تكليف نفسي تخييري بالضرورة، حتى يكون من التخيير بين المتباينين، أو الأقل والأكثر.
ومما يؤيد أن هذا الأقل بشرط لا لا يكون مورد الأمر، عدم وجود مثال له في الفقه، بل في الفقه يتعين الأقل، ويستحب الأكثر، فالأقل بشرط لا لا تقوم به المصلحة حتى يتوجه إليه الأمر، فافهم وتدبر.
نعم، يمكن المناقشة في ذلك: بأن قيود المأمور به يمكن أن تكون عدمية، بل لا بد منها، لأن المانعية لا تتصور في الاعتباريات، كما تحرر مرارا (2)، وتفصيله في مقام آخر (3).