الشبهة الثالثة في كثير من الواجبات التخييرية، ينتقل ذهن العرف إلى الجامع القريب، ويؤيد ذلك ببعض القرائن الموجودة في الأدلة الخاصة.
مثلا: في الخصال ينتقل الناس إلى أن المولى يريد تكفير الذنب، وحط الخطيئة، فإذن يتوجه إلى أن ما هو الواجب هو الجامع القريب.
بل المتبادر من الواجبات التخييرية: أن المولى ذو غرض وحداني يحصل بتلك المحصلات، فما هو الواجب والمطلوب بالذات، هو الجامع ولو كان بعيدا.
وأما إفادة مرامه بنحو التخيير، فهو إما لأجل عدم وجود اللفظ الواقعي لفهم المرام منه، أو لأجل أن إيجاب الجامع غير كاف، لأنه لا يحصل بمطلق السبب، بل سببه خاص بين الثلاثة والأربعة مثلا، فلا بد من إفادة ذلك السبب الخاص، فعليه تكون الأدلة في باب إفادة الواجب التخييري، ناظرة إلى ذلك عرفا وإن لا يلزم عقلا.
بل ربما يمكن دعوى عقليته، لأن ما هو الواجب النفسي التعييني هو الغرض، دون الأسباب المنتهية إليه.
قلت: قد فرغنا من هذه الشبهة في تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري، وذكرنا هناك: أنه لا يجوز للعاقل البصير الخلط بين مصب الإيجاب، وبين الأغراض، وإلا يلزم انحصار الوجوب النفسي بالشئ الواحد البسيط، فلا بد من المحافظة على الأدلة وظواهرها، كما يحافظ في الواجبات النفسية التعيينية، من غير فرق بين كونها من ذوات الجوامع القريبة، أو لم تكن منها (1).
نعم، ربما تكون الأدلة لأجل اقترانها بالقرائن، ظاهرة في إفادة ذلك الجامع القريب، ولا سيما في غير الواجبات التكليفية، كالتخيير في القصر بين خفاء