البعث الثاني التخييري بالأقل، ويلزم تعلقها بالزائد، ويكون الزائد مورد الرخصة من غير كونه واجبا.
فبالجملة: إذا راجعنا وجداننا نجد فيما إذا نأمر عبدنا بإعطاء زيد دينارا، أو دينارا ونصفا، أن ما هو مورد البعث تعيينا هو الدينار، والزائد مورد الرخصة، ومطلوب استحبابي.
وهنا دقيقة أخرى: وهي أن الأقل والأكثر أيضا يتصوران على نحوين:
أحدهما: ما كان عنوان الأكثر عين عنوان الأقل مع الزيادة، كما في المثال المزبور، وفي مثل التسبيحة والتسبيحات.
ثانيهما: ما كان الأقل والأكثر متحدين عنوانا، ومختلفين حسب كثرة الأجزاء وقلتها، كما في الأقل والأكثر الارتباطيين في الصلاة وسائر المركبات الفانية فيها الأجزاء، فإن الأكثر هي الصلاة، وهكذا الأقل، ولكن الاختلاف بينهما بحسب أن الصلاة في الأكثر ذات عشرة أجزاء، وفي الأقل تسعة أجزاء.
وإذا كان الأمر هكذا، فالإيجاب التخييري المتعلق بالصلاة الكذائية، أو الصلاة الكذائية، ممكن بحسب مقام الجعل، لأن بين العنوانين في عالم العنوان تباينا، ولا يلزم أن تتعلق الإرادة الثانية بعين ما تعلق به الإرادة الأولى، ولكن في مقام الامتثال يقدم الأقل دائما في مرحلة الإسقاط، فلا تصل النوبة إلى الثانية، وعند ذلك لا يمكن أن تترشح الإرادة المسانخة مع الإرادة الأولى في الكيفية من المولى، ويمتنع ذلك امتناعا بالغير، لا بالذات، فافهم وتدبر جيدا.
أقول: قد فرغنا من إمكان تصوير كون الامتثال اختياريا، وأنه ليس من الأمور القهرية - وتعرضنا لذلك في مباحث الاجزاء (1) - وعرفت هناك: أن الامتثال عقيب الامتثال بمكان من الإمكان، وذكرنا هناك طريقين: