وتلك العلة إما النار، أو الكهرباء، أو الجامع بينهما، لا سبيل إلا إلى الثالث، فلا بد من خارجيته، وهو واضح البطلان، فيعلم من هنا: أن مصب تلك القاعدة مقام آخر، فافهم وتدبر.
وهنا (إن قلت قلتات) خارجة عن أفهام طلاب الأصول، وغير راجعة إلى محصل في الفن، وكفى بذلك شهيدا.
الشبهة الثانية أن التخيير مقابل التعيين والتعين، والتعين يساوق التشخص، والتشخص يساوق الوجود، والوجود يقابل العدم، فيكون التخيير معنى راجعا إلى العدم، وما كان حقيقته (الليس) أي لا حقيقة له رأسا، كيف يمكن أن يكون متحققا؟! فالتخيير غير متحقق، فالوجوب التخييري مستحيل، لأن العدم المحض لا شئ محض، ولا يتعلق به الإرادة، ولا البعث والإيجاب، ولا التصور والشوق وهكذا.
وإن شئت قلت: في التخيير تردد، وهذا التردد يباين الوجود، لأنه عين التعين، فكيف يعقل تحقق التردد؟! من غير فرق بين وعاء من الأوعية، ذهنا كان، أو خارجا، أو كان من قبيل وعاء الاعتبار، ضرورة أن الاعتباريات كلها، وجودات لحاظية اعتبارية لأغراض عقلائية، وما هو حقيقته التردد لا يمكن الإشارة إليه، ولا لحاظه.
ومن العجيب، توهم العلامة النائيني (قدس سره) حيث قال: بإمكان تعلق الإرادة التشريعية والآمرية بشئ غير معين، أو بكل واحد من الأطراف على سبيل البدلية، مستدلا بالفرق بين التكوينية الفاعلية، وبين التشريعية الآمرية، ضرورة أن التكوينية لا يمكن تعلقها بالكلي، بخلاف الآمرية، فإنها لا تتعلق إلا بما هو الكلي (1)!!