المتعينة، إلا أنه - تسهيلا على العباد، وعدم إيقاعهم في الكلفة والشقة، حفاظا على بعض الأغراض السياسية العالية - يرتضي بواحد منها، ويخير المكلفين في ذلك، ولأجله يشتهي الجمع، أو يأمر بذلك أمرا ندبيا.
وهذا الاحتمال قريب جدا، ضرورة أننا في الخصال نجد أن الشرع يحب كل واحدة، لأنها الخيرات، ولكن لا يأمر إيجابا بالنسبة إلى الكل وإلى جميع الأطراف، لتلك النكتة والعلة، فلو تم البرهان المزبور فلا يتم مقصوده.
وثانيا: أن غرض المولى من الواجب التخييري، بمنزلة حرارة الماء بالنسبة إلى النار والحركة والشمس والكهرباء، فإن الحرارة كما تحصل بكل واحد من الأطراف، كذلك غرض المولى يحصل من كل واحد من الأفعال الواجبة تخييرا.
إن قلت: فما معنى عدم صدور الواحد من الكثير؟
قلت: كان ينبغي للكفاية ولأصحابنا الأصوليين أن لا يدخلوا البيوت إلا من بابها، ومن كان له حظ من الفلسفة العليا، ما كان ينبغي له أن يتمسك بتلك القاعدة في هذه المقامات، فإن مصبها وموردها الواحد المتوحد بالوحدة الحقة الحقيقية الأصلية، وفي جريانها في سائر الوحدات البسيطة إشكال، فضلا عن العلل والمعاليل المركبة، ولا سيما الطبيعية منها.
إن قلت: فما معنى حديث السنخية بين العلة والمعلول؟
قلت: نعم، لو كان غرض المولى الحرارة التي توجدها النار، فلا يأمر إلا بإيجاد النار، وأما إذا كانت الغاية والغرض مطلق الحرارة، فلا يأمر إلا بواحد منها على سبيل التخيير، وحيث نجد الأدلة متكفلة للتخيير، فيعلم أن الغرض واحد بالوحدة النوعية، دون الشخصية.
وغير خفي: أن برهانه (قدس سره) لو كان تاما، يستلزم الامتناع الآخر العقلي: وهو وجود الجامع في الخارج، ضرورة أن الحرارة الخارجية متقومة بالعلة الخارجية،