تكون الصلاة واجبة تعيينية، بخلاف ما إذا كانت من قبيل العناوين الانتزاعية، أو بعض منها من قبيل عنوان " الأحد " و " الواحد " فإن ذهن العرف ينصرف منها إلى أن الواجب، هو منشأ الانتزاع، ويكون في قوله: " تجب إحدى هذه الخصال الثلاث " الواجب عنوان ذاتي الخصال، كالعتق والصوم والإطعام تخييرا.
ومن الغريب دعوى بعض الفضلاء المعاصرين: ظهور الأدلة الشرعية في أن الواجب هو عنوان " الأحد " و " الواحد " مطلقا (1)، فينكر على هذا الواجبات التخييرية!! ضرورة أن معنى ذلك أن ما هو الواجب، هو العنوان الانتزاعي تعيينا، إلا أن تطبيقه بيد المكلفين في نطاق اعتبره الشرع، فلا تغفل، ولا تخلط.
ولا حاجة في إبطاله إلى شئ غير الإحالة إلى الوجدان والذوق. نعم، لا بأس بذلك إذا اقتضت الضرورة، كما يأتي.
فبالجملة: هذا هو الأصل العقلائي في المسألة، وحيث إن الوجوب التخييري الشرعي يستتبع شبهات، بين ما تتوجه إلى مطلق الأقسام المزبورة، وبين ما تتوجه إلى صنف خاص منه، ولأجل تلك الشبهات بنوا على العدول عما هو الظاهر الابتدائي إلى المسالك المختلفة في تفسير " الواجب التخييري " فلا بد أولا من النظر إلى الشبهات العامة، وثانيا إلى الشبهات الخاصة، فإن كانت هي تامة فنأخذ بما هو الأقرب إلى تلك الأدلة، وإلا فيتبع الأصل المزبور.
وغير خفي: أن كثيرا من الأعلام والأفاضل غفلوا عن هذه النكتة، وظنوا أن الأصحاب اختلفوا في معنى " الواجب التخييري " (2) غافلين عن أن هذا الاختلاف ناشئ من الإشكالات العقلية، وإلا فلا خلاف فيما هو الأصل، كما عرفت وتحرر.