دون البعض ترجيحا من غير مرجح، مع أن الامتثال عرفا متوقف عليه جدا.
ومنه يظهر الوجه في عدم الاشكال في اعتبار البواقي، حيث تكون الذمة مشغولة بكل من الواجب والمندوب، أو الأداء والقضاء، إذ مع عدم تشخيص المتعبد به المشترك بين هذه الأفراد بأحد مشخصاتها لم يصدق الامتثال عرفا مطلقا ولو صرف إلى بعض الأفراد بعده، مع أنه ترجيح من غير مرجح كما مضى.
وأما مع تشخص الفعل في الواقع شرعا فمشكل جدا، وإليه أشار بعض الأفاضل.
فقال - بعد نقل الاستدلال من الجماعة على اعتبار الفصول الباقية بأن جنس الفعل لا يستلزم وجوده (1) إلا بالنية، فكل ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النية، فينوي الظهر - مثلا - ليتميز عن بقية الصلوات، والفرض ليتميز عن إيقاعه ندبا، كمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة، وكونها أداء ليتميز عن القضاء ما صورته -: وهو استدلال ضعيف، فإن صلاة الظهر - مثلا - لا يمكن وقوعها من المكلف في وقت واحد على وجهي الوجوب والندب، ليعتبر تمييزا أحدهما عن الآخر، لأن من صلى الفريضة ابتداء لا تكون صلاته إلا واجبة، ومن أعادها ثانية لا تقع إلا مندوبة. وقريب من ذلك الكلام في الأداء والقضاء (2).
أقول: ويمكن أن يقال: إن مرادهم من الامكان الامكان بحسب النية، لا بحسب الشريعة. وعليه، فيمكن وقوع صلاة الظهر الواجبة على جهة الندب بحسب قصد المكلف: إما عمدا أو سهوا أو جهلا.