مع أن المقام مقام كراهة يتسامح في دليله بما لا يتسامح في غيره، فيكتفى في إثباتها بفتوى فقيه واحد، فما ظنك بفتاوى جمهور أصحابنا؟.
وأما قول أبي جعفر - عليه السلام - لما أم أصحابه في قميص بغير رداء: إن قميصي كثيف، فهو يجزئ أن لا يكون علي إزار ولا رداء (1). فليس فيه تأييد لما توهمه الشاذ المتقدم من اختصاص الكراهة بمورد الصحيحة، لاحتمال الاجزاء في هذه الرواية الاكتفاء بأقل الواجب من سترا العورة، لا الاجزاء عن الاستحباب، وإلا لنافى إطلاق الصحيحة المتقدمة، بل عمومها الناشئ عن ترك الاستفصال عن القميص هل هو كثيف أم رقيق؟ فحكمه حينئذ ب " لا ينبغي " يعم الصورتين. مع أن الرواية السابقة على التقدير الثاني قد نفت استحباب الرداء في الصورة الأولى.
وهذا الشاذ لا يقول به، فكيف يجعل قوله عليه السلام في هذه الرواية مؤيدا، وإن هو إلا غفلة واضحة!؟ وظاهر الشهيدين وغيرهما استحباب الرداء لمطلق المصلي ولو لم يكن إماما (2) للصحاح الدال بعضها على أن: أدنى ما يجزئك أن تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل: جناحي الخطاف (3). والباقي على استحباب ستر المنكبين لمن يصلي في إزار أو سراويل، ولا ذكر للرداء في الرواية الأولى، والبواقي خارجة عما نحن فيه جدا، فلا وجه للاستدلال بها لما ذكروه أصلا، ولا بأس بالقول باستحباب ما فيها.
وفي الخبر: عن الرجل، هل يصلح له أن يصلي في قميص واحد أو قباء