سبيلا إلى سهولة الأمر في القبلة، واتساع الدائرة فيها، وأنه لا ضرورة إلى ما ذكره أرباب الهيئة، مضافا إلى خلو النصوص عن بيان العلامات بالكلية، إلا ما مرت إليه الإشارة، وقد عرفت أيضا إجماله.
ومع ذلك، فقد ورد في الصحيح وغيره: ما بين المشرق والمغرب قبلة (1).
قيل: ويؤيد ذلك بأوضح تأييد ما عليه قبور الأئمة - عليهم السلام - في العراق من الاختلاف، مع قرب المسافة بينهما على وجه يقطع بعدم انحراف القبلة فيه، مع استمرار الأعصار والأدوار من العلماء الأبرار على الصلاة عندها، ودفن الأموات ونحو ذلك، وهو أظهر، ظاهر في التوسعة، كما لا يخفى (2).
وفيه نظر، يظهر وجهه بالتدبر فيما ذكره شيخنا في الروض، فقال في جملة كلام له: وأما توهم اغتفار التفاوت الحاصل بينها - أي بين العلامات الثلاث - وعدم تأثيره في الجهة ففاسد، لما تقدم في تحقيق الجهة من اعتبار تعين الكعبة، وظنها أو احتمالها، وهذا القدر من التفاوت لا يبقى معه شئ منها.
فإن من كان بالموصل - مثلا - وكان عارفا مجتهدا في القبلة يقطع بكونه إذا انحرف عن نقطة الجنوب نحو المغرب بنحو ثلث ما بين الجنوب والمغرب الاعتدالين خارجا عن سمت الكعبة.
وكذا من كان بأطراف العراق الشرقية كالبصرة إذا استقبل نقطة الجنوب. وهذا أمر لا يخفى على من تدبر قواعد القبلة، وما يتوقف عليه من المقدمات، ومن طريق النص إذا كان جعل الجدي على الأيمن يوجب مسامتة الكعبة في الكوفة، التي هي بلد الراوي، ونحوها كيف يوجب مسامتتها إذا كان بين الكتفين، لبعد ما بينهما بالنسبة إلى بعد المسافة.