واعترضهم في المسالك فقال: ويشكل هذا القول من رأس، لأن كلا منهما مدع ومدعى عليه، والآخر ينكر ما يدعيه، وهذه قاعدة التحالف في نظائره من عوض البيع والإجارة وغيرهما، وإنما يتجه تقديم قول أحدهما إذا اتفق قولهما على قدر وادعى الآخر الزيادة عليه أنكرها الآخر، فيكون منكر الزيادة منكرا لكل وجه، ومدعيها مدعيا، بخلاف صورة النزاع لأن دعوى الذهب لا يجامع دعوى الفضة، والانكار من كل منهما لما يدعيه الآخر متحقق، فلو قيل بأنهما يتحالفان ويسقط ما يدعيانه بالفسخ أو الانفساخ فيثبت مهر المثل إلا أن يزيد عما يدعيه الزوج كان حسنا، ولا يتجه هنا بطلان الخلع لاتفاقهما على صحته، أو إنما يرجع اختلافهما إلى ما يثبت من العوض، ويحتمل أن يثبت مع تحالفهما مهر المثل مطلقا لتساقط الدعويين بالتحالف، انتهى.
أقول: ما ذكره - قدس سره - من رجوع حكم المسألة إلى التحالف جيد، وإنما يبقى الكلام في أنه بعد التحالف، وسقوط كل مما يدعيانه، فإن الظاهر هو بطلان الخلع بالمرة لخلو الخلع من العوض لأنه منحصر في أحد هذين المذكورين، وقد تساقطا معا بالتحالف، ومهر المثل غير مذكور في صيغة الخلع ولا مقصود ولا مراد بالكلية، فبأي وجه يثبت هنا؟ وتقديره والرجوع إليه بعد التحالف لا معنى له، لأنه ليس من قبيل المهر الذي يجب تقديره مع خلو عقد النكاح عنه، وإنما هو عوض يجب ذكره في عقد الخلع، ويكون ركنا من أركانه، وهو هنا منحصر في أحد هذين المذكورين، لأنه لا بد بحسب الواقع أن يكون أحدهما صادقا والآخر كاذبا، لكن لما اشتبه ذلك وكان اللازم شرعا هو التحالف الموجب لسقوطهما معا لزم منه خلو الخلع من العوض، وهو موجب لبطلانه ظاهرا وإن كان صحيحا في الواقع تتعلق به أحكامه بالنسبة إليهما المعلومية ذلك عندهما كما في نظائره من العقود الصحيحة في الواقع الفاسدة بحسب الظاهر، ويؤيده ما تقدم في كتاب البيع من أنه بالتحالف يبطل البيع ونحوه من العقود التي يكون