واختاره ابن إدريس، وهو ظاهر أبي الصلاح وسلار وابن حمزة، حيث أوجبوا الحداد على المعتدة ولم يفصلوا.
والأظهر الأول، لما رواه ثقة الاسلام في الصحيح عن زرارة (1) عن أبي جعفر (عليهما السلام) " قال: إن الأمة والحرة كلتيهما إذا مات عنهما زوجهما سواء في العدة، إلا أن الحرة تحد والأمة لا تحد ".
احتج الشيخ على ما ذهب إليه في المبسوط وابن إدريس على ما نقله العلامة في المختلف بقوله (عليه السلام) " لا تحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا " ولم يفرق.
قال في المختلف: والجواب: إن هذه الرواية لم تصل إلينا مسندة عن النبي صلى الله عليه وآله، وإنما رواها الشيخ مرسلة ولا حجة فيها، انتهى.
أقول فيه: إن هذه الرواية بعينها وإن لم ترد من طرقنا، إلا أن نظيرها مما قدمناه في الفائدة الأولى، وهو رواية محمد بن مسلم ورواية الواسطي قد ورد من طرقنا، وهو وإن دل على ما دل عليه الخبر المذكور لكن الجواب من ذلك ظاهر بأن إطلاق الخبرين المذكورين مقيدة بالصحيحة المذكورة، ومن القاعدة المسلمة تقديم العمل بالمقيد وتقييد المطلق به.
ثم إن العلامة في المختلف قال ونعم ما قال: والعجب أن ابن إدريس ترك مقتضى العقل والنقل وهو أصالة البراءة من التكليف بالحداد وما تضمنته الرواية الصحيحة التي قدمناها وعول على هذا الخبر المقطوع السند، مع ادعائه أن الخبر الواحد المتصل لا يعمل به، فكيف المرسل، وهذا يدل على قصور قريحته وعدم تفطنه بوجوه الاستدلال، انتهى وهو جيد.