مناسكه يفيض إلى مكة لوداع البيت مهللا ممجدا لله داعيا على سكينته والمراد بها ما يعم الوقار فإذا بلغ مسجد الحصباء دخله واستلقى فيه على قفاه ساعة بقدر ما يستريح من غير أن ينام وهذا هو التحصيب على ما فسره الشيخ في مصباحه وغيره إلا أن هذا المسجد غير معروف الآن لاندراسه وقيل إنه النزول بالمحصب وهو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح وفي موثقة أبي مريم عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن الحصبة فقال كان أبي ينزل بالأبطح ثم يدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح قلت أرأيت من تعجل في يومين عليه أن يحصب قال لا وهي ظاهرة في أنه النزول بالأبطح أو تؤدى السنة بذلك و كيف كان فاستحبابه مما نقل عليه الاجماع إلا أن ينفر النفر الأول وهو بعد زوال الثاني عشر فلا تحصيب عليه حينئذ كما هو صريح الرواية فإذا دخل مكة ابتاع قبل أن يخرج منها بدرهم تمر أو تصدق به قبضة قبضة يكون كفارة لما دخل عليه في احرامه من حك أو قملة سقطت أو نحو ذلك وما كان منه بمكة مما لم يعلم به ولو تصدق ثم انكشف له موجبه ففي الاجزاء وجهان والشهيدان على الأول ثم إن كان صرورة اغتسل لدخول البيت أو اجتزأ بغسل دخول المسجد لو كان مستصحبا ودخل الكعبة حافيا بلا حذاء داعيا بالمأثور وهو اللهم إنك قلت ومن دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار فيصلي بين الأسطوانتين على البلاطة الحمراء وهي الرخامة وكان التعبير بها أجود ركعتين يقرأ بعد الحمد في الأولى بحم السجدة وفي الثانية عدد أيها وهي أربع وخمسون من غيرها ويصلي في زاواياه ويدعو بقوله اللهم من تهيأ وتعبأ الدعاء المذكور في الجمعة والعيدين وأن لا يكن صرورة لم يتأكد في حقه استحباب الدخول فإن أحب دخلها من غير تحريم وبهذا يجمع بين اطلاقات الأمر والنهي فإن دخل فليدخل بما ذكر من الآداب من الغسل والحفاء والدعاء وغيرها ولا يبزق فيها ولا يمتخط ويستلم الأركان سيما اليماني ويدعو عند الخروج بعد التكبير ثلاثا بقوله اللهم لا تجهد بلائنا ربنا ولا تشمت بنا أعدائنا فإنك أنت الضار النافع ثم يطوف أسبوعا لوداع البيت ويستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط إن استطاع وإلا فليفتتح به وليختتم فإن لم يستطع ذلك فموسع عليه ويصلي ركعتيه حيث أحب من الحرم وأفضله خلف المقام ويأتي الحطيم وهو ما بين الحجر والباب فيتعلق بأستار الكعبة كاللائذ وهو قائم ويتخير لنفسه من الدعاء ثم يستلم الحجر الأسود ثم يكشف الثوب عن بطنه ويلصقه بالبيت ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد وآل محمد ويدعو بقوله اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك وحبيبك ونجيك وخيرتك من خلقك اللهم كما بلغ رسالتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك وأوذي فيك وفي جنبك وعبدك حتى أتاه اليقين اللهم اقلبني مفلحا منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة والبركة والرضوان والعافية اللهم إن أمتني فاغفر لي وإن أحييتني فارزقنيه من قابل اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على دابتك وسيرتني في بلادك حتى أدخلتني حرمك وأمنك وقد كان في حسن ظني بك أن تغفر لي ذنوبي فإن كنت قد غفرت لي ذنوبي فازدد عني رضا وقربني إليك زلفى ولا تباعدني وإن كنت لم تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري وهذا أوان انصرافي أن كنت أذنت لي غير راغب عنك ولا عن بيتك ولا متبدل بك ولا به اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي حتى تبلغني أهلي واكفني مؤنة عبادك وعيالي فإنك ولي ذلك من خلقك ومني ثم يأتي زمزم ويشرب من مائها ولا يصب على رأسه ويخرج قائلا آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون إلى ربنا راغبون إلى ربنا راجعون وليكن خروجه من باب الحناطين وهو غير معروف أيضا بسبب الزيادة في المسجد إلا أنه في الدروس أنه بإزاء الركن الشامي فينبغي أن يتحرى محاذاته إلى أن يخرج ويخر ساجدا عنده طويلا قبل الخروج مستقبلا للكعبة حتى حين الخروج فيخرج قهقري قائلا اللهم إني أنقلب على أن لا إله إلا الله وسائلا من الله أن يتقبله منه ولا يجعله آخر العهد من حجه بل يوفقه العود وينبغي العزم على ذلك كما سيأتي وروى ثقة الاسلام في الحسن والصدوق في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة فإن لم تستطع فثلثمائة وستين شوطا فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف وتقدير أيام السنة بالعدد المذكور تقريبي لا تحقيقي لأن الشمسية تزيد عليه بخمسة أيام أو ستة والقمرية ينقص عنه بمثل ذلك وعن بعض الحلبيين زيادة أربعة أشواط لتكميل الأخير حذرا من كراهة القران وليوافق عدد أيام السنة الشمسية لا توافقه بزيادة أربعة على أن اثبات الأحكام الشرعية بمثل هذه المناسبات القاصرة مشكل جدا والطواف للزائر وهو القادم إلى مكة لأداء الفريضة مع العزم على الخروج بعد قضاء الوطر أفضل من الصلاة نافلة مطلقا ومنهم من خصها بما عدا الرواتب وللمجاور وهو هنا المقيم الساكن بها بالعكس كما في صحيحة حريز وفي صحيحة وغيره إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل وإذا أقام سنتين خلط من هذا ومن هذا فإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل ويصلي ركعتي الطواف النافلة حيث شاء من المسجد ولا يتعين خلف المقام اجماعا ومن السنن أن يعزم بعد قضاء نسكه على العود ليزيد في عمره كما في رواية ابن سنان فإن لم يرده اقترب أجله ودنا عذابه كما في رواية ابن عثمان وفي معناهما غيرهما وينزل بالمعرس وهو بضم الميم ففتح العين والراء المشددة أو فتح الميم وسكون العين وتخفيف الراء على طريق المدينة مسجد بقرب مسجد الشجرة بإزائه مما يلي القبلة ويصلي فيه ركعتين تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) إنما المعرس إذا رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت باب الخلل وتداركه إذا اصطاد المحرم شيئا من حيوان البر
(١٩٠)