بعوض فالإجارة أو بغيره فالعارية وإن أفاد اسقاط ما في الذمة فالابراء فيتبع أصله في الجواز و اللزوم وسائر الأحكام وكيف كان فهو من أعم العقود موردا وأوسعها دايرة ويصح ظاهرا مع الاقرار والمسالمة على العين والدين اجماعا وكذا مع الانكار والمخاصمة بأن يدعي أحد على آخر دينا أو عينا فينكر المدعى عليه فيصالحه بمال آخر أو ببعض المدعى به أو بغير ذلك من منفعة أو غيرها سواء تحاللا بعد ذلك أم ومع علم كل منهما بالحق المصالح عنه ومع جهله به ومع علم أحدهما وجهل الآخر لعمومات شرعية الصلح من غير مخصص وفي الصحيح عن أبي جعفر (ع) في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لصاحبه لك ما عندك ولي ما عندي فقال لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت أنفسهما وظاهر النص والفتوى عدم الفرق في الجاهل بين من يتعذر عليه تحصيل العلم بمقدار الحق وغيره وخص بعضهم بالأول وباطنا لا يصح أي لا يبرء به الذمة إلا مع جهلهما معا بمقدار الحق وهو من المواضع التي لا تفصل الخصومة فيها إلا بالصلح أو ايصال قدر الحق أو عينه صلحا إلى المستحق كما لو كان في ذمته خمسون وطولب بمائة فأنكر ثم صولحت الدعوى بخمسين أو كانت عنده عين فطولب بغيرها ثم صولح بتلك العين والعبرة بوصول الحق إلى مستحقه دون الصلح أو رضاه باطنا بما دونه وهو مقدار ما صولح به وعلى العالم بما عليه اعلام الجاهل مهما كان الصلح بأقل من الحق وعن أبي الحسن عليه السلام في يهودي أو نصراني كان له عند السائل أربعة آلاف درهم مات إلى أن صالح ورثته ولا أعلمهم كم كان قال لا يجوز حتى يخبرهم وقد تقدمت صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) أنه إذا كان للرجل على الرجل دين فمطله حتى مات ثم صالح ورثته على شئ فالذي أخذه الورثة لهم وما بقي فهو للميت يستوفيه منه في الآخرة ولو أنكر العين فصالح عنها بمال آخر فهي بأجمعها في يده مغصوبة ولا يستثنى له منها مقدار ما دفع لفساد المعاوضة في نفس الأمر ويجوز الصلح على عين بعين كدار بدابة ومنفعة كثوب بذراعة أرض وعلى منفعة تعين كسكنى دار بثوب ومنفعة كركوب دابة بسكنى دار وكذا ما تركب منها بشرط العلم بالعوض على وجه ينتفي معه الجهالة المطلقة في الجميع فإنه بإفادته فائدة البيع يصح على العين وبإفادته فائدة الإجارة يصح على المنفعة وعن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون له على الرجل الدين فيقول له قبل أن يحل الأجل عجل إلى النصف من حقي على أن أضع عنك النصف أيحل ذلك لواحد منهما قال نعم بل صرح المصنف بجوازه على مثل اسقاط خيار أو حق أولوية في تحجير أو سوق أو مسجد أيضا وفاقا للشهيد الثاني للعمومات مثل قوله صلى الله عليه وآله الصلح جايز بين المسلمين إلا ما حرم حلالا أو حلل حراما وفسر الاستثناء بنحو استرقاق الحر وعدم وطي الحليلة وإذا اصطلح الشريكان عند إرادة الفسخ على أن يكون لأحدهما مقدار رأس ماله وللآخر الباقي ربحا كان أو خسارا صح لصحيحة أبي الصباح وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه أعطني رأس المال والربح لك وما توى عليك فقال لا بأس إذا شرطا كتاب النكاح بسم الله الرحمن الرحيم النكاح يطلق على الوطي وعلى العقد المثمر لإباحته ويرجع في مواقع استعماله إلى القرائن باب التعداد والجدوى والآفة وبعض الآداب والمقسم مطلق السبب المبيح للوطي توسعا وهو للرجال ثلاثة دائم ومنقطع وملك يمين وقد انطوى عليه قوله عز وجل والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإن المنقطعة زوجة وإن حرمت عن الإرث بالسنة كالقاتل والأخير إما بتملك الرقبة من غير مانع أو بالتحليل من الغير فإنه إذا حللها له فقد ملكه وطيها كما قاله الشيخ وربما يدرج في العقد وجدواه أمور دينية ودنيوية و إن قل اجتماعهما في محل واحد منها حفظ النفس البهيمية من إطاعة الشيطان بالوقوع في الخنا ومن ثم ورد في النبوي وغيره من تزوج فقد أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر وكان النصف الآخر الاحتفاظ من شهوة البطن وورد أهلك الناس الأجوفان البطن والفرج ومنها نفي العزوبة المنهي عنها شرعا و عقلا فعن النبي صلى الله عليه وآله رذال موتاكم وفي لفظ آخر أكثر أهل النار العزاب وعن أبي عبد الله (ع) جاء رجل إلى أبي فقال له هل لك من زوجة فقال لا فقال أبي ما أحب أن الدنيا وما فيها لي وأني أبيت ليلة وليست لي زوجة ثم قال لركعتان يصليهما رجل متزوج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره ثم أعطاه أبي سبعة دنانير وقال تزوج بهذه ثم قال أبي قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتخذوا الأهل فإنه أرزق لكم وورد أن المتسري ليس بعزب وقد تقدم أن الانسان مدني بالطبع ولا يستقيم أمره إلا بالاجتماع بأبناء النوع سيما بالزوجة الموافقة المعاونة في استصلاح أحوال الدارين ومنها رفع ملالة القلب الناشئة عن دوام الاشتغال بالعبادة أو الكسب أو العطلة فإن التفكه بالنساء ومؤانستهن مما يرفعها وينعش النفس و منها زيادة الرغبة في لذات الجنة بالوقاع الذي هو أعظم لذات الدنيا فإنه أنموذج منها يحث ذواقها على العبادة الموصلة إليها بل ورد أن أهل الجنة ما يتلذذون بشئ من الجنة أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب واعلم أن من اللغويين من قال إن النموذج بفتح النون معرب نمونه والأنموذج لحن ومنها فراغ القلب من تدبير محقرات أمور البيت بكفاية الزوجة والنساء أعرف بذلك غالبا وأقدر و منها كثرة العشيرة بالأصهار ليدفع بهم الشر ويتقوى على الخير ومنها الرياضة المهذبة للنفس الجموح بالقيام بحقوقهن واحتمال جفائهن والصبر على أذاهن وسوء أخلاقهن والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن فإنه كالجهاد في سبيل الله كما سبق ومنها تحصيل حكمة النكاح وهي ابقاء النوع بالولد لامتناع بقاء الأشخاص بسبب أن الرطوبة الأصلية التي خلقت منها البنية تتحلل بعمل الحرارة الغريزية وتفنى على مر الزمان والرطوبات التي تنوب عما فنى منها من أجزاء الغذاء وإن ساوته في الكمية أو زادت عليه إلا أنها تقصر عنه في الكيفية لأنها إنما نضجت وصلحت في أوعية الغذاء لا غير والرطوبة المنوية قد
(٢٦٠)