وأحمد أوقاته إذا قويت الشهوة وحصل الانتشار التام لا عن تكلف ولا فكرة في مستحسن ولا نظر إليه ولا كثرة رياح منعظة بلا شهوة بل بسبب كثرة المني وشدة الشبق ومن علامته حصول الخفة عقيبه بسبب استفراغ الفضول وتنقية القلب والدماغ عن الأبخرة السمية التي يصعدها إليهما احتباس المني إلى غير ذلك مما هو مذكور في محله ب ملازمة الاقتصاد فيه بحسب المزاج والاحتراز عن الافراط والتفريط كما في سائر الأمور فالافراط يسقط القوة وينهك البدن ويضر العصب ويوقع في الفالج والتشنج ويضعف البصر جدا ويوجب السهر بسبب شدة الاستفراغ و خروج جوهر الروح مع المني بسبب اللذة ومن ثم كان أكثر المواقعين التذاذا أوقعهم في الضعف و يقوى الشطر البهيمي من النفس ويقهر العقل بصرف الهمة إلى التمتع فيحرم عن المقصود وهو العبادة الموصلة إلى لذات الجنة وفراغ القلب والرياضة كما مر وربما تنكسر شرة النفس بالاكثار منه سيما للأمزجة الضعيفة ويفضي ذلك إلى تناول الأشياء المقوية وغيره من التدبيرات لتكون معاونة للطبيعة فيما فرت عنه فيحتاج إلى تضييع الوقت في تحصيل أجزاء المعاجين والمغالات في أثمانها و الاشتغال بتركيبها وتحمل التعب الشديد في ذلك وهو كتنبيه السبع الضاري ممن بلى به وهو نائم اعتمادا على ما معه من السلاح الذي به يطيق الدفع بزعمه وهو غاية السفه والجهل فإن السلاح إنما يحمل ليحترس به عن السبع لو تحرك بنفسه اتفاقا لا لأن يحرك بالقصد والعمد ويتكلف التعب و الخطر الشديد أن في مغالبته وليس كل من حمل سلاحا قدر به على قهر السبع وسلم من غائلته يقينا وأما ما روي عن النبي (ص) قال شكوت إلى جبرئيل ضعف الباه فأمرني بأكل الهريسة فالوجه فيه أنه (ص) كان قواما على تسع من النساء فطلب ذلك لتحصينهن لا للتنعم ويؤيده ما ورد من طرق الأصحاب شكوت كثرة الأزواج وربما يفضي افراط هذه الشهوة ببعض البطالين إلى العشق المرض الوسواسي المبحوث عنه في الطب ويجعله أضل من الأنعام الهائمة لأن المتعشق ليس يقنع بإراقة شهوة الوقاع وهي أقبح الشهوات وأجدرها بأن يستحي منها حيث ما اتفق حتى اعتقد أن الشهوة لا تنقضي إلا من محل واحد والأنعام تقضي الشهوة أين اتفق فتكتفي به وهذا لا يكتفي إلا بواحد وفي الحديث أنه سئل أبو عبد الله (ع) عن العشق فقال تلك قلوب خلت عن محبة الله فأذاقها الله حلاوة غيره وهذا العشق إنما يعتري غالبا الرعاع وأصحاب النفوس العامية دون الأشراف وكبراء النفوس والمحتشمين و الخواص الذين في سرهم لطف وإنما الذي يعتريهم كثيرا عشق الصور والشمائل الملائمة لطباع أرواحهم من غير شهوة مجامعة ولا تخيل شئ من جنسها وقد ينتقلون منه بالرياضة وصفاء الأنفس فيرتقون على مدارج العارفين البشاشين الذين لا التفات لهم إلى شئ من حظوظ النفس وشهواتها بل قصوى همتهم وغاية نهمتهم معرفة الحق الأول تعالى شأنه كما تقدمت الإشارة إليه والتفريط يوجب الدوار وظلمة البصر وثقل البدن وورم الخصية كل ذلك بسبب الاحتباس وإذا بولغ فيه يضعف للقوة المولدة لأن الطبيعة تنسى حينئذ توليد المني كما تنسى الطبيعة الفاطمة توليد اللبن وربما يفضي أيضا إلى العشق بل افضائه إليه أوضح من افضاء الافراط كما يشهد به العيان فإن اعترائه للعزاب أكثر منه لغيرهم ويوافقه ما ذكره الأطباء في رسمه من أنه مرض ماليخولي يتولد من الأطماع يزيد بالسماع وينقص بالجماع وبالجملة ففي كلام المصنف من التماوت ولا يخفى وربما يوجد في بعض النسخ يضعف مضبوطا بالتشديد من باب التفعيل فالمراد بالقوة القوة البهيمية وهو أجود في الجملة باب المحارم وهي جمع محرم ويطلق تارة على من يحرم نكاحه مؤبدا وهو الأكثر وأخرى مطلقا وهو المراد هنا وما زاد فمذكور استطرادا وأسبابه اثني عشر لكنها وقعت في كلام المصنف مشوشة الترتيب والمراد أنها محرمة في الجملة لا أنها لا تكون إلا محرمة وربما يجتمع اثنان منها فصاعدا وهي النسب والرضاع والمصاهرة والوطي والزنا واللواط والعقد والطلاق واللعان والقذف واستيفاء العدد والكفر والمذكور في صريح الكتاب جملة منها والبواقي من السنة قال الله (تع) ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف أنه كان فاحشة وساء سبيلا حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم وقال (تع) الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان إلى قوله فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقال سبحانه ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن والمحارم من النسب منحصرة في السبع المذكورة والرضاع لحمة كلحمة النسب فيحرم منه ما يحرم منه بالاجماع وإن وقع الاقتصار في الآية على بعضها والأم من النسب من ولدتك أو ولدت من ولدك ولو بوسائط والبنت من ولدتها أو ولدت من ولدها ولو بوسائط والأخت من ولدها من ولدك من غير واسطة وبنتها من ولدتها أو ولدت من ولدها ولو بوسائط وكذا بنت الأخ والعمة أخت الأب وإن علا والخالة أخت الأم وإن علت فتشملان عمات الأب والأم والجد والجدة وخالاتهم دون عمات العم والعمة وخالات الخال والخالة فإنهن لا يحرمن مطلقا بل بشرط دخولهن في المذكورات فالضابط الكلي أنه يحرم الأصول وفروعهم وإن سفلوا وأخصر منه وأوضح كل قريب عدا أولاد العمومة والخؤولة ومن الرضاع الأم من أرضعتك أو ولدت من أرضعتك أو من ولدها وأرضعتها أو أرضعت من ولدها ولو بوسايط وكذا من ولدت فحل مرضعتك وهو أبوك
(٢٦٣)