بالمدينة وتستحب المحاورة بها والتبرك بآبارها والصبر على لأوائها وهي الشدة وضيق العيش فورد عن أبي عبد الله (ع) من مات في المدينة بعثه الله من الآمنين يوم القيامة وحرمها من عاير إلى وعير مكبرا أو مصغرا وهما جبلان يكتنفانها من المشرق والمغرب والمشهور أنه يحرم صيد ما بين حرتيها وهما موضعان أدخل من الجبلين نحو البلد حرة ليلى وحرة وأقم والجرة في الأصل الأرض التي فيها حجارة سود وكذا قطع شجرها وحشيشها إلا ما استثنى في حرم مكة وفي صحيحة زرارة حرم رسول الله المدينة ما بين لابتيها صيدها وحرم ما حولها بريدا في بريدان يختلى خلاها أو يعضد شجرها إلا عودي اللاضح واللابة الحرة وقيل بكراهة ذلك ومنهم من كره الأول وحرم الثاني وكلاهما خروج عن اليقين كتاب الحسبة بسم الله الرحمن الرحيم الحسبة بكسر الفاء وسكون العين اسم ما يحتسب من القربات التي تعم مصالحها ويقوم بها نظام المسلمين وأظهرها الأمور الثمانية التي أفرد لكل منها بابا الأهم فالأهم باب الجهاد الجهاد جهادان أحدهما أكبر من الآخر جهاد الكفار وجهاد النفس الكفور والأول يجب على الكفاية بمعنى وجوبه على الجميع إلى أن يقوم به منهم من يحصل به المطلوب فيسقط عن الباقين سقوطا مراعا باستمراره إلى كماله فإن تقاعدوا عنه أثموا جميعا وتختلف الكفاية بحسب الحاجة بسبب قوة المجاهدين وضعفهم وإنما يجب بأمر الإمام المعصوم أو نائبه المنصوب بالنصب الخاص للجهاد أو لما هو أعم منه ولا يسوغ بدون إذنهما أو هجوم عدو كافر يخشى منه على بيضة الاسلام وهي أصله ومجتمعه فيجب حينئذ من غير توقف على أمر ولا إذن خاص بخلاف ما لو كان مسلما لانتفاء الوصف المعتبر قيدا ولو كان مبدعا ولو خيف على بعض المسلمين وجب عليهم خاصة فإن عجزوا فعلى من يليهم أيضا الأقرب فالأقرب إلى أن تحصل الكفاية بشرط البلوغ والعقل والذكورة والحرية والبصر والسلامة من المرض المضعف عن القصد والعرج وألحق به الشيخوخة المضعفة والفقر المعجز عن جهازه ونفقة عياله قال الله (تع) ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ويرتفع الأخير ببذل المؤنة له من الزكاة أو غيرها ومن الشرايط إذن الوالدين ما دام الوجوب على الكفاية وربما يلحق بهما الأجداد وكذا إذن المدين بضم الميم وهو مستحق الدين إذا حل أجله على الموسر القادر ويتأكد عليه وجوب الوفاء رفعا للمانع وقد يقال إن لهم المنع لا أن إذنهم شرط وربما تسقط هذه الشروط رأسا ما عدا التكليف عند هجوم العدو لصيرورة الوجوب عينيا وقدر الجهاد مع المشركين وهم الفرق المحكوم بكفرهم من غير المنتسبين إلى الاسلام والبغاة وهم الخارجون على الخليفة العدل منهم حتى يسلموا أو يقتلوا قال الله عز وجل اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم و في موضع أخر فإخوانكم في الدين وقال سبحانه وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين وقال سبحانه وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله وقد استفاضت الأخبار بأنه لا يقبل من هؤلاء إلا القتل أو الدخول في الاسلام إلا أن يلتزم الكتابي بشرايط الذمة فيكف عنه و يقر على دينه قال الله عز وجل قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون قال العلامة في المنتهى اللام في الكتاب للعهد اجماعا والمراد به التورية والإنجيل خاصة وبالذين أوتوه اليهود والنصارى ويلحق بهم المجوس لقوله صلى الله عليه وآله سنوا بهم سنة أهل الكتاب دون من عداهم من الفرق وإن زعموا أن لهم كتابا كصحف آدم وإدريس وإبراهيم وزبور داود خلافا لابن الجنيد في الصائبين وشرايط الذمة بذل الجزية والتزام أحكامنا والكف عن إيذاء المسلمين بسرقة أموالهم وقطع الطريق عليهم والزنا بنسائهم واللواط بصبيانهم وفتنة ضعفائهم عن الدين وايواء عين المشركين وإعانة أعدائهم والدلالة على عوراتهم والتظاهر بالمنكرات في شريعة الاسلام كشرب الخمر ونكاح المحارم وأكل الربا ونحوها كذا ذكرها الشهيد وغيره فيكون ذكر الأولين من عطف الخاص على العام تأكيدا وقيل إنهما لا بد منهما في عقد الذمة ويخرجون بمخالفتهما عنها وإن لم يشترطا فيها وأما البواقي فلا يخرجون بمخالفتها إلا مع الاشتراط فالمراد بشرايط الذمة ما يشترط الخليفة عليهم حين عقدها من المذكورات وغيرها وهو أظهر الوجهين وفي صحيحة زرارة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الذمة على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا اللحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات الأخت فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمة الله وذمة رسوله وتقدير الجزية موكول إلى رأي الإمام كما في حسنة زرارة وغيرها وقدرها أمير المؤمنين (ع) على الفقير اثنا عشر درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرين وعلى الغني ثمانية وأربعين وكذلك صنع عمر بن الخطاب قبله وإنما صنعه بمشورته (ع) كما في المقنعة وليكن التقدير يوم الجباية لا قبله فإنه أنسب بالصغار وتؤخذ منه صاغرا كما في الآية وفسر بعدم تقديرها حال القبض أيضا بل يؤخذ منه إلى أن ينتهي إلى ما يراه صلاحا ويأخذها منه قائما والمستوفي جالس وبأن يخرج الذمي قائما يده من جيبه ويحني ظهره ويطأطئ رأسه ويصيب ما معه في كفة الميزان ويأخذ بلحيته ويضعفه في لهزمتيه ويبدء بقتال الأقرب إلى الخليفة فالأقرب إلا مع مهادنته أو الخطر في البعيد فيبدء بقتاله ولا يجوز الفرار اختيارا إذا كان العدو ضعفا أو أقل وقد كان الحكم في صدر الاسلام مقابلة الواحد بالعشرة ثم خفف الله عنهم وعلم أن فيهم ضعفا فنسخ ذلك بالمثلين كما نطق به الكتاب إلا لمتحرف لقتال أو متحيزا إلى فئة كما في الآية الكريمة وفسر الأول بالمخيل عدوه أنه منهزم ليجره إلى حالة أمكن من حالته التي هو عليها كاستدبار الشمس والريح والسعة وتبعيد
(١٩٨)