والفطر لقيام البينة المقبولة عند الحاكم صوم وفطر بالحقيقة للبينة وإنما حكم الحاكم كاشف عن قبولها فليس خارجا عن الحصر وما حاوله من تضعيف الرواية بسبب اشتمالها على قضاء صلاة الفطر من الغد وهو خلاف المشهور أو تخصيص الحكم بإمام الأصل دون نائبه فلا يخفى ضعفه وكذا الخلاف فيما لو كان ثبوته عند الحاكم برؤيته بنفسه والشهيد أيضا على الأول لعموم ما يدل على أن للحاكم أن يحكم بعلمه فتأمل وربما يقوى العدم هنا باطلاق قوله (ع) لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين وحاله معلوم مما تقدم وفي ثبوته بالشهادة على الشهادة قولان والشهيد الثاني على الأول وهو ظاهر المصنف في باب الشهادات في الكتاب والمفاتيح والعلامة على الأخير مؤذنا بدعوى الاجماع أما لو استند إلى الشياع المفيد للعلم فالوجه القبول كما قطع به في المدارك وإذا ثبت في بلد ثبت فيما يليه من البلاد الغربية الناقصة عنه طولا دون الشرقية إلا إذا تقاربت مثل بلادنا والبصرة والكوفة وبغداد وفي استحباب الاستهلال عينا أو كفاية لكل شهر أو لشهري الصوم والفطرة خاصة أو للأخير خاصة أو الوجوب الكفائي كذلك أو العدم مطلقا وجوه واحتمالات أضعفها الأخير واختار العلامة الاستحباب العيني مع الوجوب الكفائي فيهما والأجود الوجوب الكفائي في الأخير خاصة وأما الفحص عن الشهود أو حكم الحاكم فالوجه وجوبه فيه عينا للقطع بوقوع التكليف بأحد أمرين متنافيين فلا بد من التوصل إلى معرفته بعينه من باب المقدمة واستدلال المعاصر لعدم وجوب شئ منهما بالأصل مما لا أصل له وإذا دخل الشهر كره السفر اختيارا و القول بالتحريم شاذ إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين زالت الكراهة فليخرج حيث يشاء كما في مرسلة علي بن أسباط ويكره للمسافر فيه التملي من الطعام والشراب كما في صحيحة ابن سنان وغيرها أما الوقاع فحرمه بعضهم لصحيحة ابن سنان إن الله رخص للمسافر في الافطار والتقصير رحمة وتخفيفا لموضع التعب والنصب ووعث الشفر ولم يرخص له في مجامعة النساء في السفر بالنهار في شهر رمضان وفي معناها صحيحة محمد بن مسلم والمشهور حملهما على الكراهة المغلظة جمعا بينهما وبين ما يدل على الجواز فإن تركه المسافر فقد أخذ باليقين والأكثر على التسوية بينه وبين غيره ممن يجوز لهم الافطار وهو خروج عن مورد النصوص باب الهيئة وهي أن يمسك المكلف ومن حكمه لله عز وجل من طلوع الفجر الثاني المستطير إلى الغروب المتحقق باستتار القرص في الأفق كما مر عن الأكل و الشرب المعتادين ومن أمسك عن غير المعتاد منهما أيضا فقد أخذ باليقين والوقاع في قبل المرأة ومن اجتنب الدبر والدابة أيضا فقد أخذ باليقين والاستمناء المجنب وتعمد القئ والحقنة بالمايع على المشهور فيهما وكذا الارتماس في الماء وهو غمس الرأس فيه دفعة عرفية وإن كان البدن خارج الماء والمحتاط يمسك عنه على التعاقب أيضا والكذب على الله ورسوله والأئمة (ع) وهذا مما يجب أن يمسك عنه غير الصائم بل الكذب مطلقا كذلك وإنما يخص بالبحث تأكيدا ولما يأتي وكلها مما يمسك عنه الصائم مطلقا في شهر رمضان وغيره ويمسك عن تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان وقضائه خاصة على المشهور كما تقدم وأما أنه هل يفسد الصوم به أم لا وعلى الأول فهل يتدارك بالقضاء وحده أو مع الكفارة فمطلب آخر يأتي البحث عنه في باب الخلل وقد كان الاقتصار في بيان الهيئة على المفسدات وذكر باقي التروك الواجبة بعنوان آخر أجود والأحوط أن يمسك مع ذلك عن ايصال الغبار والدخان سيما الغليظين إلى الحلق مباحين أو محرمين كغبار الدقيق والتراب ودخان العود والبنج كما ذكره كثير ومنهم من ألحق بهما البخار الغليظ كبخار القدر ومورد الرواية المانعة فيما وقفت عليه إنما هو الغبار وأما الدخان فليس له ذكر في الأخبار الا في موثقة ابن فضال عن عمرو بن سعيد عن الرضا (ع) قال سئلته عن الصائم يتدخن بعود أو غير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه فقال جايز لا بأس به وهي صريحة في الرخصة من غير معارض وشاملة بعمومها لدخان الحشيشة المعروفة بالتتن المعمولة في هذه الأعصار وإن كانت من محدثات الأمور فما يحكى عن بعض المعاصرين وغيرهم من الحكم بفساد الصوم به ووجوب القضاء والكفارة بذلك ليس من القول بغير دليل بل قول بما قام الدليل الخاص على خلافه وعن ابتلاع النخامة بقسيميها الصدرية والدماغية بعد وصولها إلى فضاء الفم كما ذكره الشهيدان ولا بأس قبل ذلك والرواية مطلقة وكذا ابتلاع الريق المتغير الطعم بعلك ونحوه للنهي عنه في بعض الروايات والمشهور حمله على الكراهة جمعا وإنما يكره إذا لم يدخله أجزاء متميزة عند الحس منه وإلا كان أكلا والحقنة بالجامد كالفتايل فإنها مندرجة في اطلاق النهي عن الاحتقان إلا أن في رواية ابن فضال عن أبي الحسن (ع) لا بأس بالجامد ولولا ما فيها من قصور السند عن معارضة الصحيحة الناهية لكان حمل المطلق على المقيد متعينا فليؤخذ بالأحوط والأولى التنزه عن السعوط فإنه يكره للصائم كما رواه عياث بن إبراهيم وقيده في المفاتيح بما إذا لم يبلغ الحلق وهو كصبور الدواء الذي يدخل في الأنف ومنهم من أفسد به الصوم مطلقا وأوجب القضاء وزاد بعضهم الكفارة والاكتحال للنهي المحمول على الكراهة جمعا سيما بما فيه مسك أو يجد له طعما في حلقه كما في موثقة سماعة قال سألته عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فلا بأس ويقال إن الصبر مما يوجد طعمه في الحلق إذا اكتحل به وشم الرايحة الغليظة خروجا عن خلاف من أوجب به القضاء والكفارة لرواية قاصرة وشم الرياحين وهو ما طاب ريحه من النبات ويتأكد في النرجس لأنه ريحان الأعاجم كما في رواية محمد بن العيص قال الكليني وأخبرني بعض أصحابنا إن الأعاجم كانت تشمه إذا صامت وقال إنه يمسك الجوع والسواك بالعود الرطب للتصريح فيه بالكراهة في صحيحة ابن سنان الجامعة بين صحيحة الحلبي المبيحة وصحيحة أبي بصير الناهية وهي حجة المانع والمضمضة في غير وضوء ويجب بها القضاء إن دخل الماء حلقه كما يأتي واستدلال المصنف لجوازها بمرسلة حماد عن أبي عبد الله (ع) في الصائم يتمضمض ويستنشق قال نعم ولكن لا يبالغ لا يخلو عن ضعف إذ لا ظهور فيها
(١٦٧)