مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (ع) كل شئ فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه وزاد في الموثقة وذلك مثل الثوب قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهرا أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة وإن كان في محصور وجب اجتناب الجميع عند الأكثر من باب المقدمة ويؤيده صحيحتا الحلبي عنه (ع) في الميتة والمذكى اختلطا كيف يصنع قال يبيعه من مستحل الميتة ويأكل ثمنه وفي رواية أخرى يرمي بهما جميعا وموثقة سماعة في إنائين وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو قال يهريقهما ومقتضى النظر ما قربه بعض المحققين من جواز التناول إلى أن يبقى من المجموع عدد المحرم إذ يصدق على ما عداه أنه معلوم الحل مشكوك الحرمة فيندرج في القاعدة الأولى وبالجملة اجمال الحكم بالحل بمجرد الاختلاط غير سديد مع أن الرواية التي إليها نظره تحتمل الحمل على صورة الاحتمال دون الاختلاط كما إذا وجد لحم لا يدري أذكي هو أم ميت كما حملها عليها في المفاتيح وقد ورد في شاة موطوءة لم يعرفها مالكها في القطيع أنه يقسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح وتحرق وقد نجت سايرها وقد عمل بها الأصحاب وهي رواية محمد بن عيسى العبيدي اليقطيني عن أبي الحسن الثالث (ع) كما نقل عن تحف العقول وإن ظنت مقطوعة في التهذيب وروي عن أبي عبد الله (ع) في اللحم لا يدري ا ذكي هو أم ميت اطرحه على النار فكل ما انقبض فهو ذكي وكل ما انبسط فهو ميت وفي السمك أنه يطرح في الماء فإن طفا على الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي وإن كان على وجهه فهو ذكي وفيمن وجد سمكا ولم يعلم أنه مما يؤكل أم لا أنه يشق عن أصل أذنه فإن ضرب إلى الخضرة فهو مما لا يؤكل وإن ضرب إلى الحمرة فهو مما يؤكل وإذا وجد في بلاد المسلمين شئ مما يحتمل الغصب أو النجاسة أو غيرهما من وجوه التحريم في يد من يبذله بثمن أو غيره وجهل حال مالكه الباذل حل تناوله ولم يجب السئول لقرينة اليد والإسلام الظاهرتين في الحل بل ورد النهي عنه في النصوص المستفيضة وأن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم وأن الدين أوسع من ذلك وربما يصح الاكتفاء بقرينة اليد وحدها كما في شراء الحبوب من الكفار ويندرج في هذا العموم جوايز الظلمة وفيها ورد عليه الوزر ولك المهنا ودغدغة أن الظلم والفساد غالب على الناس من الوسواس المنهي عنه وإن كان الاجتناب مع الارتياب أولى دعة لما يريب إلى ما لا يريب وما لا بأس به مخافة ما به بأس باب الأكل وهو من الست الضرورية إعانة للبدن إلى كمال نشوه وبدلا له عما يتحلل منه وحقه أن يكون الطعام بعد كونه حلالا في نفسه غير حرام ولا مكروه طيبا في مكسبه من تجارة أو زراعة أو نحوهما دون النخاسة والاحتكار وأمثالهما ولقد كان هذا أحق بالتقديم سواء أعرب خبرا أولا للفعل أو ثانيا للمصدر وموافقا للسنة والورع بأن يكون من الأطعمة المندوبة كالتمر واللبن واللحم والكراع وخبز الشعير والخل والزيت ونحوها منزها عن ريب عروض النجاسة أو غيرها من أسباب التحريم وأن يغسل الآكل اليدين كلتيهما وإن أكل بواحدة قبل الأكل وبعده تنظيفا عما قل ما تخلوان عنه من لوث في تعاطي الأعمال وتعظيما للنعمة المتناولة بهما وورد في النبوي الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم وفي رواية أهل البيت (ع) الهم وعن أمير المؤمنين (ع) وأبي عبد الله (ع) في عدة روايات أنهما زيادة في العمر وعيش في سعة وعافية من بلوى الجسد وإماتة للغمر بفتحتين أي أثر الطعام عن الثياب وجلاء للبصر واكثار لخير البيت وتثبيت للنعمة ويزيدان في الرزق وفي بعضها عن أبي عبد الله (ع) الوضوء ههنا غسل اليدين وأن لا يمسح بالمنديل بعد الغسل أولا ابقاء للبركة بالنداوة فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد روى ذلك عن أبي عبد الله (ع) وإذا غسل أخيرا مسح بهما وجهه وحاجبيه وعينيه كما يأتي ثم بالمنديل وأن يفتتح طعامه بالملح ويختتم به كما في بعض الروايات أو يفتتح ويختتم بالخل كما في بعضها فيجمع بينها بالتخيير كما يرشد إليه حديث الرضا (ع) هذا مثله يعني الخل مثل الملح أو يجمع بينهما ويحملان في أحدهما على الإضافيين مع التخيير أو يفتتح بالملح ويختتم بالخل فإنه سنة أهل البيت (ع) دون العكس فإنه سنة بني أمية وما ذكره المصنف من أن فيه مغفرة الذنوب كأنه من روايات القوم وما ورد أن فيه دفع سبعين بلاء فمورده في روايات أصحابنا الافتتاح والاختتام بالملح وعد منها الجنون والجذام والبرص وأن يأكل على السفرة الموضوعة على الأرض فهو أقرب إلى التواضع من رفعه على المائدة متأدبا بتعظيم النعمة خالعا نعليه جالسا كجلسة العبد فلا يضعن إحدى رجليه على الأخرى ويتربع فإنها جلسة يبغضها الله ويمقت صاحبها كما في حديث أمير المؤمنين (ع) وعن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأكل أكلة العبد ويجلس مجلسه العبد قال الراوي ولم قال تواضعا لله عز وجل وفي رواية أنه صلى الله عليه وآله كان ربما جئ للأكل على ركبتيه وجلس على ظهر قدميه وربما نصب رجله اليمنى وجلس على اليسرى وكأن يقول إنا لا آكل متكئا وقد تكرر في الأخبار كراهة الاتكاء في الأكل وفي بعضها ما أكل رسول الله صلى الله عليه وآله متكئا على يمينه ولا على يساره وفي آخر الرجل يأكل متكئا قال لا ولا منبطحا قال في النهاية المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وطأ متمكنا و العامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين تأوله على مذهب الطب فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يسيغه هنينا وربما تأذى به انتهى ولا ضير في حمل الروايات على هذا المعنى العامي لاحتمال كونه منقولا بالغلبة أو بوضع جديد وورد أيضا كراهة الأكل قائما وماشيا إلا ما ينتقل به من الحبوب أو مع الضرورة وأن ينوي به القوة على الطاعة دون التلذذ وإن كان من اللوازم فيكون قد أوتي ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة وهذا معنى ما تقدم نقله من وصية أبي ذر ليكن لك في كل شئ نية حتى في الأكل وهو من مواضع
(٣٠٩)