أتته امرأة استعدته على أخيها فقال يا أمير المؤمنين إني وكلت أخي هذا أن يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته تلك فذهب فزوجني ولي بينة أني قد عزلته قبل أن يزوجني فأقامت البينة فقال الأخ يا أمير المؤمنين أنها وكلتني ولم تعلمني أنها عزلتني عن الوكالة حتى زوجتها كما أمرتني فقال لها ما تقولين قالت قد أعلمته يا أمير المؤمنين فقال لها ألك بينة بذلك فقالت هؤلاء شهودي يشهدون أني قد عزلته فقال أمير المؤمنين (ع) تشهدون قالوا نشهد أنها قالت اشهدوا أنى قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا وأني مالكة لأمري قبل أن يزوجني فقال أشهدتكم على ذلك بعلم منه ومحضر فقالوا لا فقال تشهدون أنها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة قالوا لا قال أرى الوكالة ثابتة والنكاح واقعا أين الزوج فجاء فقال خذ بيدها بارك الله لك فيها فقالت يا أمير المؤمنين أحلفه أني لم أعلمه العزل ولم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح قال وتحلف قال نعم يا أمير المؤمنين فحلف فأثبت وكالته وأجاز النكاح وقيل ينعزل بالعزل مطلقا ومنهم من عزله بالاشهاد مطلقا أو مع تعذر الاعلام وتبطل الوكالة بالموت مطلقا أما موت الوكيل فظاهر و أما موت الموكل فلخروجه به عن أهلية التصرف فنائبه أولى ويبطل ما تصرفه بعده وإن لم يعلم به على مقتضى الأصل وإن خرجت مسألة العزل عنه بالنصوص وكذا الجنون والاغماء من كل واحد منهما سواء كان الجنون مطبقا أم أدوارا وسواء طال زمان الاغماء أم قصر دون النوم والسكر وإن تطاولا ما لم يؤديا إلى الاغماء وقد نقل على ذلك الاجماع فإن تم وإلا فللنظر فيه مجال كما لوح إليه في المفاتيح وتبطل أيضا بالحجر على الموكل فيما وكل فيه واكتفى عنه هنا بما سبق وتلف المتعلق كموت العبد الموكل في بيعه أو شرائه ومثله عتقه وفعل الموكل ذلك كما لو باعه بنفسه أو اشتراه وينبغي لمن يحاول التوكيل أن يختار الثقة المركون إليه ذا البصيرة فيما يوكل فيه لئلا يناقض غرضه عمدا أو جهلا ومنها معرفته باللغة التي يجاور بها ومنهم من أوجب ذلك ويستحب أن يوكل ذو المروة المحتشم الذي لا يليق به الامتهان للخصومات من يكفيه إياه ولا يحضرها بنفسه كما وكل علي (ع) أخاه عقيلا في خصومة وقال إن الخصومة قحما وإن الشيطان ليحضرها وإني لأكره أن أحضرها قال في النهاية القحم هي الأمور العظيمة الشاقة واحدتها قحمة وينبغي لمن يتولى الوكالة أن لا يقبلها للكافر على المسلم والمشهور فيه الكراهة والتحريم شاذ أما وكالة الكافر على المسلم فلا تجوز قطعا لاستلزامها اثبات السبيل للكافر على المسلم المنفي بالآية باب الوديعة فعيلة بمعنى المفعول يقال أودعته مالا إذا دفعته إليه ليكون وديعة وإذا قبلته منه وشرعا استنابة في الحفظ بالذات والمستنيب مودع بصيغة الفاعل والنايب مودع ومستودع بصيغتي المفعول وشرطها أهليتهما وصدور ما يدل عليهما ايجابا وقبولا بالقول أو بالفعل منهما أو بالقول من أحدهما والفعل من الآخر كما في الوكالة بل قيل إن القبول الفعلي هنا أقوى من القولي وقد يقال إن الايجاب إن كان بلفظ أودعتك وشبهه مما هو من صيغ العقود وجب القبول لفظا وإن قال احفظه ونحوه لم يفتقر إلى اللفظ مع تحقق العقد ويجب الحفظ بما جرت العادة به كالثوب في الصندوق المقفل أو البيت الذي لا يشاركه فيه يد أخرى والدابة في الاصطبل للحرز والشاة في المراح وما جرى مجرى ذلك لعدم تعيين الحفظ من قبل الشارع فيرجع إلى العرف ولو عين له المالك موضعا اقتصر المودع عليه مطلقا ولو نقلها عنه ضمن مطلقا إلا مع خوف التلف فيجوز أو يجب نقلها إلى مكان أحرز منه أو مساو له والأكثر على جواز النقل عن المعين إلى الأحرز مطلقا ما لم ينهه عن غيره بل نقل عليه الاجماع وتخطى بعضهم إلى المساوي لتوافق المتساويين في النفع والضرر وهما ممنوعان والأغراض تختلف في مواضع الحفظ اختلافا كثيرا من غير التفات إلى كون بعضها أحفظ من الآخر أو مساويا له فلا يخرج عن اليقين ولو كانت الوديعة حيوانا يحتاج إلى نفقة أو شجرا أو زرعا يحتاج إلى سقي وجب ذلك على المودع سواء أمره به المالك أم لا ويرجع مع نيته عليه بما غرم من الانفاق ومؤنة السقي وغير ذلك من المؤن اللازمة مع أمره وإن أطلق توصل إلى إذنه وإذن وكيله فيه فإن تعذر رفع أمره إلى الحاكم ليأذنه إن شاء أو يستدين عليه أو يبيع بعضه للنفقة أو ينصب أمينا عليه فإن تعذر الحاكم أنفق هو وأشهد عليه ولو تعذر الاشهاد اقتصر على نية الرجوع فإن لم يفعل وتلفت العين بذلك أو نقصت ضمن وأثم وكذا لو نهاه عند بعضهم لوجوب حفظ المال عن التلف ورد بأنه إنما يجب على المالك دون غيره والوجه أنه لا يجب مع النهي إلا القيام على الحيوان المحترم كالعبد والدابة خاصة ويتلطف للرجوع إن أراده إلى إذنه أو إذن الحاكم أو الاشهاد يكتفي بنية الرجوع على الترتيب المذكور ويأثم بالترك إلا أنه لا ضمان عليه لسقوطه بنهي المالك كما لو أمره بالقاء ماله في البحر والمودع أمين كما في حسنة الحلبي وغيرها لا يضمن التلف ولا النقص إلا مع التفريط و هو ترك ما يجب فعله أو التعدي وهو فعل ما يجب تركه فالأول كان يطرحهما فيما ليس بحرز أو يترك الثوب الذي يفتقر إلى نشر أو يضع الكتب في المواضع التي تفسدها بالنداوة والأرضة ونحوهما أو يهمل سقي الدابة أو علفها بحسب المعتاد في الوقت أو يودعها من غير ضرورة ولا إذن أو يسافر بها كذلك ولو كان الطريق آمنا والثاني مثل أن يلبس الثوب أو يركب الدابة أو يجحد مع مطالبة المالك أو يخلطها بمال آخر بحيث لا يتميز أو يفتح الختم إلا أن يكون لشئ من ذلك مدخل في الحفظ ولو طلبها ظالم وجب الامتناع ما أمكن ومنه الانكار والحلف مع التورية إن أحسنها لو اندفع بذلك ولا يجب تحمل الضرر الكثير كالجرح وأخذ المال وأكثر ذلك مستفاد من العمومات ويجب عليه الايصاء به إلى عدل ولو من الورثة عند ظهور أمارة الموت عليه لتوقف الحفظ الواجب عليه أو الرد إلى المالك أو وكيله مع الامكان لعجزه عن الحفظ حينئذ أو الاشهاد عليه فيعتبر ذوا عدل والترديد إما إشارة إلى
(٢٥٨)