في قبول قوله في التلف مجردا عن البينة متخالفة ففي رواية بكر بن حبيب قلت لأبي عبد الله عليه السلام أعطيت جبة إلى القصار فذهبت بزعمه قال إن اتهمته فاستحلفه وإن لم تتهمه فليس عليه شئ وفي صحيحة الحلبي في الغسال والصباغ ما سرق منهما من شئ إن لم يقم البينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى عليه فقد ضمنه إن لم يكن له بينة على قوله ويستفاد من بعضها الفرق بين ما إذا ادعاه بسبب ظاهر أو خفي ومن ثم اختلفت أقاويل الأصحاب وكذا الخلاف في المكاري والملاح والذي عليه المصنف في الجميع الضمان إلا مع البينة والكلام في الافساد نظيره في التلف وكلما فسد العقد باختلال شئ من شرايط الصحة ثبت عوض المنفعة أجرة المثل مع الاستيفاء كلا أو بعضا سواء زادت عن المسمى أو نقصت عنه على ما يقتضيه الاطلاق ووقع مصرحا به في غيره وليس مستندا إلى نص فيتبع ومن ثم أسنده في المفاتيح إلى القيل وإنما عللوه باقتضاء الفساد رجوع كل عوض إلى مالكه ومع استيفاء المنفعة يمتنع ردها فيرجع إلى بدلها وهو أجرة مثلها والذي يقتضيه النظر إنما هو ثبوت أقل الأمرين من أجرة المثل والمسمى كما تقدم نظيره وبالجملة ففي ذكره هنا خروج عن شرط الكتاب واستثنى الشهيدان من ذلك ما لو كان الفساد باشتراط عدم الأجرة في العقد متضمنا له كما لو لم يذكر أجرة فإنه حينئذ يقوى عدم وجوب الأجرة لدخول العامل على ذلك فترجع إلى العارية أو ما ضاهاها والحق أنه لا حاجة إلى هذا الاستثناء لعدم اندراج الصورتين في مفهوم الإجارة كما علم من الرسم فهما خارجتان عن موضوع البحث ابتداء وإن وقع العقد فيها بلفظ الإجارة توسعا ويكره الاستعمال قبل المقاطعة كما تقدم فعن أبي عبد الله (ع) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعملن أجيرا حتى يعلم ما أجرته ومثله في حديث المناهي وعن الرضا (ع) ما من أحد يعمل لك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشئ ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظن أنك قد نقصت أجرته وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته حمدك على الوفاء وإن زدته حبة عرف ذلك لك ورأى أنك قد زدته وكذا يكره للمستأجر إجارة الخان والمسكن والرحى والأجير حيث يجوز له ذلك بأكثر مما استأجر لمشابهته الربا إلا أن يؤجر بغير الجنس الذي استأجر به كما لو استأجر بالدراهم وأجر بالدنانير أو يحدث في العين ما يقابل التفاوت وفي الحسن عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يستأجر الأرض ثم يواجرها بأكثر مما استأجرها قال لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الأجير إن فضل الحانوت والأجير حرام وفي رواية أبي الربيع إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت إن فضل الأجير والبيت حرام وفي حسنة الحلبي في الرجل يستأجر الدراهم يواجرها بأكثر مما استأجرها به قال لا يصلح ذلك إلا أن يحدث فيها شيئا وفي حسنة سليمان بن خالد وغيرها إني لأكره أن أستأجر الرحى وحدها ثم أو آجرها بأكثر مما استأجرتها إلا أن أحدث فيها حدثا أو أغرم فيها غرامة وكذا يكره له الاستيجار للعمل بأقل مما استؤجر به له إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا كما في صحيحة محمد بن مسلم وفي رواية مجمع قلت لأبي عبد الله (ع) أتقبل الثياب أخيطها ثم اعطيها الغلمان بالثلثين فقال أليس تعمل فيها قلت أقطعها وأشتري له الخيوط قال لا بأس وفي أخرى لا أزيد على أن أشقه قال لا بأس وكذا يكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعير لصحيحة الحلبي لا تستأجر الأرض بالحنطة ثم تزرعها حنطة وفي موثقة أبي بصير لا تستأجر الأرض بالتمر ولا بالحنطة ولا بالشعير الحديث سيما ما يخرج منها بل تكر بطعامها مطلقا فورد عن أبي عبد الله (ع) في إجارة الأرض المحدودة بالدراهم المعلومة قال لا بأس وفي إجارتها بالطعام قال إن كان من طعامها فلا خير فيه وعن أبي جعفر (ع) مثله وترك ذلك كله أحوط خروجا عن ظواهر الروايات المذكورة وما في معناها وخلاف عظماء الأصحاب فيما عدا الأول باب المزارعة وهي معاملة على الأرض بين مالكها وزارعها بحصة معينة مشاعة من حاصلها فالمفاعلة منسلخة عن موضوعها أو فيها تغليب والأصل فيها أن يكون الزرع بمؤنه من البذر والعمل والعوامل والآلات كلها من الزارع كما في صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) في المزارعة قال النفقة منك و الأرض لصاحبها فما أخرج الله عز وجل منها من شئ قسم على الشرط وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر حين أتوه فأعطاهم إياها أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت ويجوز غير ذلك سواء كان كل من البذر والآلات للمالك أو العامل أو مشتركا منهما وسواء كان كل من الأرض والعمل مختصا بأحدهما أو مشتركا منهما بشرط إشاعة النماء كله بينهما على المشهور سواء تساويا فيه أو تفاضلا اقتصارا على موضع النقل فلا يجوز جعل كله أو مقدار معين منه لأحدهما وإن كان الغالب حصول ما يزيد عليه منها وفي صحيحة الحلبي وغيرها لا تقبل الأرض بحنطة مسماة ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به ومنهم من جوز استثناء البذر من جملة الحاصل وفي المختلف جواز استثناء شئ منه مطلقا ويكون قراره مشروطا بالسلامة ويشترط امكان الانتفاع المقصود من الأرض بأن يكون لها ماء يكفيها للسقي غالبا سواء كان من نهر أو بئر أو تسقيها الغيوث عادة فتبطل بدون ذلك و إن رضي العامل ولو أنقطع الماء في الأثناء ففي انفساخها أو تخير العامل قولان إما تعيين الزرع كما اشترطه العلامة في التذكرة وكذا تعيين المدة التي يدرك فيها الزرع علما أو ظنا بالأشهر أو الأيام كما اشترطه كثير فاحتياط للضبط تنحسم به مادة التنازع والضرار وإن كانت النصوص قاصرة عن إفادة الاشتراط وفي المفاتيح اختار في الأول العدم للاطلاق فيتخير من عليه البذر في اختيار ما شاء لكن إن عين لم يجز التعدي مطلقا ولو فعل لزمه أجرة المثل لأنه غير المعقود عليه عند جماعة ويتخير المالك بينه وبين أخذ المسمى مع الأرش عند آخرين ولا فرق بين كون المعين شخصيا كهذا الحب أو وصفيا كالشلب الأبيض أو الأحمر أو نوعيا أو غيره لاختلاف الأغراض في ذلك
(٢٤٤)