فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه ولا شيئا كان ينبغي أن يؤخره إلا قدموه فقال لا حرج والمشهور أولى وأحوط فإن تعمد ذلك جبره مع الإعادة بشاة ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لا ينبغي كان عليه دم شاة ومن رحل من منى قبل الحلق أو التقصير رجع إليها مع التمكن وقضى نسكه بها اجماعا كما هو ظاهر المنتهى والتذكرة وصريح المفاتيح وأن لا يتمكن من الرجوع أتى به حيث يمكن في الطريق أو مكة وعليه يحمل اطلاق رواية مسمع جمعا بين الأخبار ويبعث بشعره إليها ليدفن بها وجوبا عند قوم مطلقا وندبا عند آخرين كذلك وفصل ثالث فأوجب على العامد دون غيره وله وجه كما في المفاتيح ومن ترك في الحج أو العمرة طواف النساء عامدا أو نسي أحد الطوافين الزيارة والنساء أو نسي السعي أتى به وجوبا ولو بعد المناسك فإن رجع إلى أهله استناب فيه بلا خلاف إلا أنهم اشترطوا في الاستنابة تعذر العود وفسره بعضهم بمشقته ومنهم من خصه بما عدا طواف النساء والفرق خروجه عنهما كما يشعر به صحيحة الخزار المتقدمة وغيرها وإن كان أخص من المدعى والمستفاد من كثير منها جوازها مطلقا ومتى كان المتروك طواف طواف الزيارة وجب إعادة السعي عند المصنف ومن وافقه لصحيحة منصور بن حازم وحرمن عليه إلى أن يطوف بنفسه أو بنائبه فإن واقع قبله فعليه بدنة مطلقا لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) قال سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده واقع النساء كيف يصنع قال يبعث بهدي إن تركه في حج يبعث به في حج فإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة ووكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه والهدي محمول على البدنة وفي مستنده خفاء والمشهور سقوط الكفارة عن الناسي وتخصيص بمن واقع بعد الذكر واستبعده في المفاتيح أخذا من المدارك بالتصريح فيها باستمرار النسيان إلى بعد المواقعة وكأنه ابتناء على أن يكون قوله واقع النساء مدخولا لحتى معطوفا على قدم بلاده وفيه منع ظاهر لاحتماله قريبا أن يكون صفة لرجل معطوفا على نسي على أن دخول ما بعد حتى في حكم ما قبلها ليس بمعلوم الاطراد ومن زاد في طواف الفريضة أو السعي على الأشواط السبعة ولو خطوة فإن كان متعمدا فقد أثم وأبطل على المشهور وفي مستنده قصور لكن لا بأس بمتابعتهم أخذا باليقين والاحتياط أما في طواف النافلة فتكره الزيادة قولا واحدا ولو كان ساهيا أكمل أسبوعين وصلى للطواف أربعا لكل أسبوع ركعتان وجعل أحدهما الأصل والآخر نافلة فإن كان السعي فهي الثاني كما في المفاتيح و لا يشرع استحباب السعي إلا هنا وإن كان الطواف فالمستفاد من حديث سهو أمير المؤمنين (ع) أنه الأول كما هو المنقول عن بعض القدماء وأنه تصلى ركعتاه بعد السعي وحمل على الأفضلية لاطلاق الأمر بالاكمال وصلاة أربع ركعات في صحيحة أبي أيوب وغيرها وقيل إن هذا الاكمال على سبيل الاستحباب فيكون الأول هو الفريضة وكيف كان فالمشهور أنه إنما يفعل ذلك بشرط اكمال الشوط الثامن فيهما فلو ذكر قبل ذلك قطع ولا شئ عليه وقد نظر في المفاتيح في مستند هذا الاشتراط في الطواف ومن ثم لم يشترطه هنا إلا في السعي وفي صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) أن في كتاب علي (ع) إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة واستيقن ثمانية أضاف إليه ستا وكذلك إذا استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليه ستا وله طرحها فيه بل هو الأولى والأحوط مطلقا سواء بلغت شوطا أم لا بل في صحيحة جميل حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا فسألنا أبا عبد الله (ع) عن ذلك فقال لا بأس سبعة لك وسبعة تطرح ومن نقص فيه أتى به وجوبا ولو خطوة فإن رجع إلى بلده رجع مع المكنة وأتم ما نقص من دون استيناف لعدم وجوب الموالاة فيه اجماعا وإن تعذر استناب ولا يتحلل إلا بعد القضاء عنه ومن نقص في الطواف لعذر من نسيان أو حاجة أو مرض أو حدث أو لدخول البيت أو نحو ذلك على وجه يقوت به الموالاة فالمشهور أنه إن تجاوز النصف عاد إلى طوافه وبنى على ما أتى به منه وإلا استأنف وإن خرج إلى أهله استناب وفسر تجاوز النصف باكمال الأربع لا مطلق المجاوزة ومستنده غير واضح كأصل الحكم نعم في رواية إسحاق بن عمار بطريق اللؤلؤي عن أبي الحسن (ع) فيمن اعتل علة لا يقدر معها على تمام طوافه قال إذا طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط وقد تم طوافه وفي مرسلة جميل عن أحدهما (ع) في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه قال يخرج ويتوضأ فإن كان قد جاوز النصف بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف وفي الصحيح عن ابن عطية عن أبي عبد الله (ع) في رجل طاف بالبيت ستة أشواط قال وكيف طاف ستة أشواط قال استقبل الحجر وقال الله أكبر وعقد واحد فقال (ع) يطوف شوطا وهو محتمل للجهل والنسيان وفي كثير من النصوص المعتبرة اطلاق الاستيناف لحدوث المرض ودخول البيت وقضاء حاجة أخيه وفي حسنة أبان في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة قال إن كان طواف نافلة بنى عليه فإن كان طواف فريضة لم يبن عليه وفي بعضها اطلاق البناء لحضور صلاة الفريضة والوتر وبما ذكرناه ظهر أن الاستيناف مطلقا في غير الأخيرين أولى وأحوط والفرق بينه وبين السعي وجوب الموالاة فيه في الجملة دونه ومن شك في عددهما فإن كان بعد انصرافه لم يلتفت مطلقا بلا خلاف بينهم إلا أن ما استدلوا به من عموم صحيحة زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ لا يخلو من قصور وإن كان في الأثناء فإن كان لم يدر كم سعى أو طاف مطلقا أعاد أما لو شك بين عددين معينين أو أعداد معينة قطع في ما لو دار شكه بين التمام والزيادة كما إذا شك بين السبعة والثمانية في الطواف كما في صحيحة الحلبي والتقييد بما إذا كان الشك على منتهى الشوط دون أثنائه فيبطل حينئذ لتردده بين محذورين الاكمال المحتمل للزيادة عمدا والقطع المحتمل للنقيصة غير ظاهر الوجه لعدم ثبوت
(١٩٣)