وهكذا والمرأة الحرة مطلقا كالرجل في الجميع من ديات الأعضاء والشجاج والجراح حتى تبلغ ثلث ديته أو تتجاوزه على ما مر من الخلاف ثم تصير على النصف منه وقد تقدم فيه بعض الروايات وروى أبان بن تغلب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له ما تقول في رجل قطع إصبع من أصابع المرأة كم فيها قال عشر من الإبل قلت قطع اثنتين قال عشرون قلت قطع ثلاثا قال ثلاثون قلت قطع أربعا قال عشرون قلت سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنبرأ ممن قاله ونقول إن الذي جاء به شيطان فقال مهلا يا أبان هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وآله إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية فإذا بلغت الثلث رجعت إلى النصف يا أبان إنك أخذتني بالقياس وأن السنة إذا قيست محق الدين وأما الجنين فإن ولجته الروح فديته كاملة ذكرا كان أو أنثى وإن تعدد تعددت وإلا فأقوال وروايات أشهرها أنها تاما مائة دينار وعظما ثمانون ومضغة ستون وعلقة أربعون ونطفة عشرون والمشهور في الذمي التام ثمانون درهم عشر دية أبيه وفي رواية عشر دية أمه والنصوص في المملوك عشر قيمة أمه المملوكة وفي رواية نصف عشر قيمتها إن ألقته ميتا و عشرها إن ألقته حيا ودية الأعضاء والجراحات بالنسبة ومن افزع مجامعا فعزل فالمروي المنقول عليه الاجماع أن على المفزع عشرة دنانير وفي اطلاقه اشكال ولو عزل اختيارا فلا دية للأصل وجواز الفعل كما يأتي في النكاح وقيل بل يلزمه في الحرة مع عدم الإذن عشرة دنانير وفي اطلاقه الاشكال ولو قتلت المرأة مع ولدها ولم يعلم كونه ذكرا أو أنثى فالمشهور نصف الديتين وفي المفاتيح أنه إذا فعلت فعل بالميت ما يوجب قتله لو كان حيا كقطع الرأس وشق البطن فديته مائة دينار دية الجنين قبل ولوج الروح بلا خلاف وفي اطلاقه أيضا اشكال والمستفاد من الصحيح اختصاصه بالعامد دون الخاطي وأنه يصرف عنه في وجوه القرب ولا يرث وارثه منه شيئا وفي قطع جوارحه بحساب ديته وكذا في شجاجه وجراحه وفي رواية إن قطعت يمينه أو شئ من جوارحه فعليه الأرش للإمام وفي اتلاف المال المضمون مع عدم بقاء المالية سواء كان بالمباشرة كأكل الطعام أو التسبيب كاطعامه الحيوان المثل إن أمكن بأن كان مثليا لا يتعذر تحصيله وقت الدعوى وأن لا يجتمع الوصفان فإن كان قيميا فالقيمة السوقية يوم وضع اليد عليه كما في صحيحة أبي ولاد ويوم التلف عند جماعة وأعلى القيم بينهما عند أخرى وإن كان مثليا فالقيمة يوم الدفع وقيل يوم الاعواز ولو عذر بعد عزم القيمة على المثل لم يجب والمراد بالمثلي ما لا تتفاوت أجزاؤه تفاوتا معتدا به كالحبوب و الأدهان والذهب والفضة الخالصين غير المصوغين وبالقيمي ما عداه ولا فرق في عدم بقاء المالية بين بقاء العين وعدمه ومعه يتعين رد العين مع الأرش كما لو غصب شاة وذبحها فيجب ردها مذبوحة مع تفاوت قيمتها وكذا الحكم لو تلف أو نقص أو حدث فيه عيب في يده لا بفعله كما لو غصب عبدا فمات أو أعمى أو أبق إلا أنها لا تعد جناية ولا يتداخل الأرش مع الأجرة إن نقص بالاستعمال ولو كان النقص في القيمة السوقية من دون تغير في العين لم يضمن بلا خلاف والضمان حيث يحكم به يحصل بوضع اليد عليه بالاستقلال أو بالاشتراك بغير إذن المالك كما في الأمانات المالكية كالأعيان المستأجرة والمستودعة والمستعارة والشارع كما في الأمانات الشرعية كاللقطة وأموال المولى عليهم أو مع التفريط فيه وهو ترك ما يجب فعله أو التعدي وهو فعل ما يجب تركه ولو كانا فيهما كما يأتي في محله قال المصنف في الحاشية ومن التفريط تأخير الرد مع الامكان فيما أخذه بإذن الشارع دون المالك كانتزاع المغصوب من يد الغاصب وأخذ الثوب المطار به الريح إلى داره حسبة باب ذمائم القلب جمع ذميمة فعيل بمعنى المفعول والتاء للنقل كالسقيفة والقلب يطلق تارة على العضو اللحماني الصنوبري الشكل المودع في تجويف الأيسر من الصدر وفي جوفه دم أسود هو أول ما يتعين من أجزاء الجنين وتحل فيه الحياة وهو منبع الروح الحيواني وهو الذي يبحث عنه الأطباء وأخرى على اللطيفة الربانية المتعلقة بهذا البدن الجسماني ولها بالقلب اللحماني مزيد تعلق وقد تحيرت الأفهام في حقيقتها وكيفية تعلقها على أقوال استوفيناها مع ما يتعلق بها في المسائل الجبلية الأولى وهذه اللطيفة هي حقيقة الانسان العاقلة العالمة المدركة الفاعلة التاركة المعينة غالبا في الكتاب والسنة حيثما أطلق لفظ القلب وربما يعبر عنها بالنفس والروح والعقل وكثيرا ما تطلق هذه الألفاظ على معان أخر مفهومة بالقراين وذمايمه هي الأخلاق السيئة وقد ورد التشديد في أمرها كثيرا فعن النبي صلى الله عليه وآله أبى الله لصاحب الخلق السئ بالتوبة قيل وكيف ذلك يا رسول الله قال إنه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه وعن أبي عبد الله (ع) الخلق السئ يفسد العمل وفي رواية الايمان كما يفسد الخل العسل والخلق مثل قفل وعنق الملكة التي من شأنها أن يصدر عنها الأفعال بسهولة من غير حاجة إلى مزيد روية سواء كان طبيعية أو عادية فإن كانت الأفعال السهلة الصدور عنها جميلة شرعا وعقلا سمي الخلق حسنا أو قبيحة فسيئا وحيث إن الجمال المطلق هو الاستواء التام والخلوص عن الزيادة والنقصان والاعتدال الحقيقي ومن ثم ورد أن الله جميل يحب الجمال فلأخلاق الحسنة هي الملكات المتوسطة العادلة وبإزائها الأخلاق السيئة هي الملكات المائلة عن الوسط العدل الذي هو خير الأمور كما في الحديث النبوي المشهور وقد وقع الأمر به في قوله عز وجل إن الله يأمر بالعدل و قد تقدم أول الكتاب قوله (ع) الصراط المستقيم في الدنيا ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام وميلها عنه أما إلى الافراط كالشره بفتحتين وهو غلبة الحرص بحيث لا يتقيد بناموس الشرع في القوة الشهوية مطلقا ويخص في الفرجية باسم الهتك والفجور كما تقدم والتهور وهو التهجم من غير مبالاة في القوة الغضبية والجربزة بضم الجيم وسكون الراء وضم الباء وفتح الزاء المعجمة وهي الاسترسال في القوة العقلية لاستنباط الحيل والمكايد إلى حد النكر أو الشيطنة أو إلى التفريط كالخمود في مقابلة الشرة والجبن في مقابلة التهور والبله الاختياري وهو قلة الالتفات في مغامض الأمور أو تركه فيها وهذه القوى الثلاث هي مناشئ الأخلاق مطلقا ومغارسها النابتة فيها وهي كثيرة منقسمة بكثرتها إلى الحسنة والسيئة كما عرفت وتنقسم أخرى
(٤٠)