ما في بشارة المقربين وذوي اليقين فلا يشهد نفسه معهم بالفعل بل يتشوق أن يلحقه الله بهم ويشهد نفسه مع العصاة بل يقدر أنه المخاطب خوفا واشفاقا كما سبق وفي كلام أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم في آذانهم ويسأل الله المرجو ويتعوذ به عن المخوف إذا مر بآية فيها ذكرهما كالجنة والنار كما ورد عن أبي عبد الله (ع) ويبكي القاري حزنا أو يتباكى إن لم يأته البكاء ولو على فقدان البكاء فإنه مما يحق له ذلك وكذا المستمع وأما التظاهر بالغشية بحيث لو أن أحدهم قطعت يداه ورجلاه لم يشعر بذلك فذاك من الشيطان وما بهذا أمروا إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل كذا ورد عن أبي جعفر (ع) ويسر بالقراءة إن خاف خاطر الرياء بالجهر أو تشويش المصلي أو المتفكر السامعين وإلا فيجهر لأنه يجمع الهمة ويصرف السمع إليه وينفي النوم والكسل ويزيد في النشاط ويوقظ الراقد ويرغب في العبادة ويبعد عنه لهب النار مد صوته ويشهد له كل ما سمعه ويسجد عند تلاوة كل آية سجدة أو سماعها من السجدات الخمس عشرة المشهورة وهي في ألم تنزيل وحم فصلت والنجم واقرء و الأعراف والرعد والنحل والاسراء ومريم والحج في موضعين والفرقان والنمل و ص والانشقاق وجوبا في الأربع الأول وهي العزايم وندبا في البواقي والوجوب في العزايم مما نقل عليه الاجماع على القاري والمستمع أما السامع فقولان نقل على كل منهما الاجماع ومستند العدم أصرح دلالة لكن لا يخرج عن اليقين وهو فوري عند حصول سببه وهو التلفظ بموجب السجدة أو سماعه ولا يخل به التأخير إلى الفراغ من الآية عند المصنف وشيخه البهائي خلافا للمعتبر ولو أخر بما يخرج به عن الفورية أثم ووجب الاتيان بها بعد ذلك اجماعا وإنما الخلاف في أنها أداء أو قضاء والأولى عدم التعرض في النية لذلك ولو سمعها وهو يصلي ففي رواية أنه لا يسجد لما سمع وفي أخرى أنه يسجد ثم يقوم فيتم صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء والمستيقن يأتي بها بعد الانصراف ويتعدد السجود للسبب ولو في مقعد الواحد كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) ويستحب أن يذكر فيها بالمأثور في صحيحة الحذاء عن أبي عبد الله (ع) وهو سجدت لك رب تعبدا ورقا لا مستكبرا عن عبادتك ولا مستنكفا ولا مستعظما بل إنا عبد ذليل خائف مستجير وزيد في بعض الروايات قبل ذلك لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله ايمانا وتصديقا لا إله إلا الله عبودية ورقا وفي أخرى إذا سجدت قلت ما تقول في السجود أو بما يناسب تلك الآية من مسألة وتذلل ونحو ذلك وإن استقبل القبلة بها وسجد سجود الصلاة على الأعظم السبعة دون الاكتفاء بالجبهة ووضع جبهته على ما يصح السجود عليه وكبر بعد رفع الرأس منه وكان متطهرا من الحدث فقد أخذ باليقين وخرج عن مخالفة بعض الأقوال والروايات والوجوه المحتملة أما الطهارة عن الخبث فقد قطع المصنف وشيخه بعدم اشتراطها كتاب الزكاة بسم الله الرحمن الرحيم الزكاة حق يثبت في المال ابتداء وأما زكاة الجسد فمذكورة بالتبع بتبعية الدعاء والقرآن للصلاة وعن الرضا (ع) أن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء و تحصين أموال الأغنياء مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عز وجل وعن أبي عبد الله (ع) إن الله عز وجل جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم ولولا ذلك لزادهم وإنما يؤتون من منع من منعهم باب التعداد والشرايط الزكاة زكاتان زكاة المال وزكاة الفطر والإضافة فيهما ليست على نسق واحد وكل منهما واجبة ومندوبة وربما يخص اسم الزكاة بالواجبة منهما ولما حرمها الله على بني هاشم كما يأتي لأنها من أوساخ أيدي الناس ومن ثم كان اخراجها تطهيرا لهم وتزكية فرض لهم الخمس في الغنايم التي لم يفرض فيها الزكاة اكراما لهم وتعظيما وارفاقا بذوي الأموال من أن يجتمع عليهم الفرضان فيجحف بهم والمبدو بالبيان زكاة المال وقد عرفت أنها واجبة ومستحبة والواجبة إنما هي في تسعة أنواع من المال تندرج تحت ثلاثة أجناس قريبة النقدين الذهب و الفضة المسكوكين بسكة المعاملة وإن هجرت ولا عبرة بغيرها من النقوش والأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم بأنواعها من عراب ونجاتي وبقر وجاموس وضأن ومعز مطلقا خلافا لمن اشترط الأنوثة فيها وهو شاذ وإنما تجب منها في السائمة وهي الراعية في المرعى من غير المملوك ويقابلها المعلوفة الغير العاملة مطلقا والمرجع فيها إلى العرف وفاقا لأكثر المتأخرين لعدم نص فيه وخلافا لمن اعتبر في السوم الأغلبية والاستمرار طول الحول فلو علفها ولو يوما واحدا انقطع والغلات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب المملوكة بالحرث الزرع أو الغرس أو المنتقلة إليه مع الشجرة أو بدونها قبل انعقاد الحب في الكرم والزرع وبدو الصلاح وهو الاحمرار والاصفرار في النخل بشرط بلوغ كل من الأنواع التسعة النصاب المعتبر فيه بالتفصيل الآتي وحول الحول على النصاب في ملكه في الخمسة الأول وهو يتحقق بالدخول في الشهر الثاني عشر على المشهور لحسنة زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل كانت له مائتا درهم فوهبها لبعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا بها من الزكاة فعل ذلك قبل حلها بشهر فقال إذا حل الشهر الثاني عشر فقد حال عليها الحول ووجبت عليه فيها الزكاة الحديث واختلفوا في احتسابه من الحول الأول لأن الحول بحسب اللغة والعرف العام عبارة عن اثني عشر شهرا أو الثاني ادعاء منهم أنه في الزكاة أحد عشر شهرا ولم يثبت ومن ثم عول المحققون على أن المحكوم بتحققه بمجرد دخوله إنما هو الوجوب المتزلزل ولا يتحقق الاستقرار إلا بتمامه فيحسب من الحول الأول و يبدأ الحول الثاني مما يليه ويسترد الزكاة إن اختل فيه شرط وفيه مخالفة لظاهر مستندهم
(١٥٠)