توقف في الابتداء وقلل الأكل حتى إذا توسع في الطعام أكل معه أخيرا ويحترز الرفع قبل استيفائه إلا إذا كان أصلح لشأنه ويطيل الجلوس على المائدة مع الإخوان فعن أبي عبد الله (ع) إذا قعدتم مع الإخوان على المائدة فأطيلوا الجلوس فإنه ساعة لا يحسب عليكم من العمر والظاهر اختصاصه بصاحب المائدة وإن كان احتمال العموم غير بعيد أيضا والأمر بإطالة الجلوس لا ينافي النهي عن اكثار الأكل لعدم الملازمة بينهما ولعل المراد بعدم احتساب تلك الساعة من العمر أنه وقت أنس ونعيم وتلذذ وسرور سيما لصاحب المائدة فلا يقاس به سائر الساعات المنغصة غالبا بالكدورات وهذا هو المتبادر من مثل هذا الكلام عرفا وقد ورد قريب منه في أيام زائري الحسين (ع) وتكلف المحدثون فيه وجوها في غاية البعد مثل الحمل على أنه لا يكتب عليهم الذنوب أو لا يحتسب ما أكلوه من رزقهم المقدر وغير ذلك مما لا حاجة إلى نقله ويجتنب الشرب في أثناء الأكل فهو مما يخالف بين الهضوم إلا لتعلق لقمة بالحلق لا يسوغ إلا به أو صدق عطش دون الحاصل من بلغم مالح في فم المعدة كلما روعي بالشرب ازداد وحيث يشرب لأحد الضرورتين فليقتصر على قدر الضرورة ولا يكثر أو المراد النهي عن اكثار شرب الماء مطلقا فإنه منهي عنه لا سيما على الدسم فهو يقلل الهضم باطفائه الحرارة الفاعلة وعن أبي عبد الله (ع) أنه مادة لكل داء وأن الناس لو أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم ولقد كانت هذه الجملة بالباب الآتي أنسب ويمص أصابعه بعد الأكل فورد عن النبي صلى الله عليه وآله إذا أكل أحدكم طعاما فمص أصابعه التي أكل بها يقول الله عز وجل بارك الله فيك وكان صلى الله عليه وآله يلعقها واحدة واحدة ويقول لا يدرى في أي الأصابع البركة ويلعق القصعة فهو كعتق رقبة كما نقله في الاحياء والمروي أنه كما تصدق بمثلها ويأكل السواقط من الخوان ولو مثل السمسمة من الطعام فهو مهور الحور العين كما في النبوي وفي حديث أمير المؤمنين (ع) أنه شفاء من كل داء بإذن الله لمن أراد أن يستشفي به وعن أبي عبد الله (ع) أنه ينفي الفقر ويكثر الولد إلا إذا كان في الصحراء فإن الأحب أن يدعها للطير والسبع ولو فخذ شاة كما في حديث الجواد (ع) ويخلل الأسنان فهو من الثلاث التي نزل بها جبرئيل (ع) وليكن بغير عود الرمان وقضيب الريحان فهما يهيجان عرق الجذام ولا الآس فهو يحرك عرق الأكلة ولا الحوض وهو ورق النخل ولا القصب فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتخلل بكل ما أصاب ما خلاهما وورد في عدة روايات أن في الخلال تصحيحا للثة والنواجد وتطييبا للفم عما يتغير فيه وجلبا للرزق ومسرة للملائكة والموجود في الرواية الملك الموكل ويخرج ما كان بين الأسنان من بقايا الطعام فيلفظ ما استكرهه بالخلال دون ما أدار به اللسان في أطراف اللثة وغيرها فإن له أن يبلعها ويمضمض الفم بعده أي بعد الخلال ففيه أثر عن أهل البيت (ع) كما في الاحياء أو بعد الطعام كما في غيره وأكمله ما كان بالسعد وفي غسل الأيدي يجمع ماء الكل في طشت واحد ما أمكن فلا يفرغ إلا بعد امتلائه فورد في النبوي أجمعوا وضوءكم جمع الله شملكم قيل إن المراد به هذا وفي بعض الآثار أن تعدد الطشوت وتفريغها واحدا واحدا أو قبل أن تنظف من سير الأعاجم فإن أمكنهم الاجتماع على الغسل معا في الطشت في حالة واحدة جميعا أو جماعة كان أقرب من التواضع وأبعد من طول الانتظار وعن سيرة الأعاجم ويمسح وجهه وحاجبيه وعينيه بنداوة يديه بعد غسله من الغمر قبل مسحه بالمنديل ويحمد الله بالمأثور وهو الحمد لله المحسن المجمل المنعم المفضل ثلاثا فورد أن في مسح الوجه بها اذهابا للكلف وجلبا للرزق وفي مسح العينين أمانا من الرمد وفي مسح الحاجبين وللدعاء أمانا أو شفاء منه ولا يؤوى مزيل الغمر وهو منديله بل الظاهر أنه تصحيفه ففي النبوي لا تؤوا منديل الغمر في البيت فإنه مربض الشيطان ولا يقوم من مقعده قبل الرفع إلا أن يريد التوسعة على اللاحقين ويحمد الله بالمأثور وهو الحمد لله الذي حملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا وفي رواية أخرى الحمد لله الذي أشبعنا في جائعين وأروانا في ظمآنين وأوانا في ضاحين وحملنا في راجلين وآمننا في خائفين وأخدمنا في عانين وروي غير ذلك ثم إن عرى الطعام من الشبهة وإلا يستغفر ويغتم ويبكي ليطفئ بدموعه وغمه حر النار التي تعرض لها لما ورد أن كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به وليس من يأكل ويبكي كمن يأكل ويلهو ويدعو في الحالتين بالمأثور فإن أكل حلالا قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وتنزل البركات وإن أكل شبهة قال الحمد لله على كل حال اللهم لا تجعله قوة لنا على معاصيك و روي غير ذلك ويشكر الله (تع) في قلبه على ما أطعمه فيرى الطعام نعمة منه سبحانه عليه قال الله تعالى كلوا من الطيبات واشكروا لله ويدعو لصاحبه إن أكل طعام الغير يقول اللهم بارك له فيما ويسر له أن يفعل منه خيرا وقنعه بما أعطيته واجعلنا وإياه من الشاكرين وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا طعم عند أهل بيت قال طعم عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة الأخيار ويستلقي على قفاه واضعا رجله اليمنى على اليسرى كما روي عن الرضا (ع) قولا وفعلا ولا يدع العشاء ولو بكعكة أو لقمة من خبز أو حشفة أو شربة من ماء ففيه ورد في عدة روايات أنه مهرمة وأول خراب البدن ولا سيما للكهل والشيخ فعن أبي عبد الله (ع) ينبغي للرجل إذا أسن أن لا يبيت إلا وجوفه ممتلئ من الطعام وفي آخر لأنه أهدأ لنومه وأطيب لنكهته واعلم أن نسخ الأصل وجدناها في هذا الباب وما يليه مختلفة جدا وجمعنا بينها في الشرح ما أمكن تكثيرا للفائدة وإن كان في ثبوت الاستحباب في بعضها نظر والظاهر أنها ارشادات اقتفى فيها المصنف أثر أبي حامد كما هو المعلوم من عادته باب الشرب وهو أيضا من الضروريات بدرقة للغذاء إلى مجاريه الضيقة وحقه أن يأخذ الشارب الكوز باليمين إلا لعذر ولا يشرب في نفس واحد وإن كان هو اللذة بل نفسين والأفضل ثلاثة أنفاس يقطعه ويتنفس ثم يعود إليه وفي رواية إن كان الذي يناولك الماء مملوكا لك فاشرب في ثلاثة أنفاس وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد مفتتحا بالتسمية ومختتما بالتحميد في كل من الثلاث وهو من السنة فإنه شرب
(٣١٢)