عشرة وأخذ المالك عشرة ثم عمل بها الساعي فربح كان رأس المال تسعة وثمانين إلا تسعا فإن عشرة الخسار إذا بسطت على التسعين الباقية كان نصيب كل واحد منها تسعا فإذا أخذ المالك عشرة تبعها عشرة أتساع هي واحد وتسع والثمانين الباقية يتبعها ثمانون تسعا هي ثمانية وثمانية أتساع فكل ما زاد بالعمل على التسعة والثمانين إلا تسعا تعلق به نصيب العامل وعلى هذا القياس والقراض من العقود الجايزة من الطرفين فإنه وكالة أولا ثم ينضم إليها شركة وكلتاهما غير لازمتين فيجوز لكل منهما الفسخ متى شاء بلا خلاف وإنما الخلاف في أنه لو كان من المالك قبل ظهور الربح فهل يستحق العامل عليه أجرة لمثل ما عمل أم لا ولو كان من العامل فهل يستحق المالك عليه انضاض المال أم لا وأقاويل الأصحاب في المسألتين وشقوقهما غير مستندة إلى ما يقطع العذر والوجه عرض جميع ما يفرض من صورهما على قانون نفي الضرار والتعويل في حكمها عليه إن لم يستلزم خرقا للاجماع المركب وأنى به ومهما فسد القراض فالربح كله للمالك لأنه نماء ماله وعليه الأجرة للعامل لاحترام عمله وهو أمين يقبل قوله في التلف بدون يمين أو معها ولا يضمن التالف إلا عن تعد أو تفريط وقد وردت الحيلة في تضمينه في روايات عبد الملك بن عتبة قلت إني لا أزال أدفع المال مضاربة إلى الرجل فيقول هلك أو ذهب قال اعطه ألف درهم أقرضها إياه واعطه عشرين درهما يعمل بالمال كله تقول هذا رأس مالي وهذا رأس مالك فما أصبت منهما جميعا فهو بيني وبينك باب الجعالة مثلثة الفاء وهي في اللغة ما يجعل على عمل وشرعا التزامه على وجه خاص ويشترط فيها أمور سبعة أحدها امكان العمل المجعول عليه عقلا وعادة من العامل المعين فلا تنعقد على احياء ميتة ولا على رد الأعمى المقعد آبقة من مصر إلى خراسان في عشرين يوما مثلا وثانيها جوازه والمراد به ما يعم المندوب والمكروه فلا تصح على الزنا والقيادة وقد سبق أن الاستجعال في المعصية من السحت واشترط الأكثر كونه مقصودا للعقلاء احترازا عما لا غاية له معتدا به عقلا كنزف ماء البئر والذهاب ليلا إلى بعض المواضع الخطرة ونحوهما مما يقصده العابثون إلا أن الغرض به التمرن على الشجاعة واضعاف الوهم و نحوهما من المقاصد الصحيحة وثالثها عدم وجوبه شرعا على العامل عينا ولا كفاية كالصلاة اليومية وصلاة الميت ونحوهما من العبادات المشروطة بالنية فإن أخذ الأجرة ينافي القربة ورابعها استدعاء الجاعل العمل من العامل فلو جعل الجعالة لواحد فعمل غيره لم يستحق شيئا لاختلاف الأغراض في ذلك وخامسها تعين العوض المجعول فلا يصح جعله ثوبا أو دابة ونحوهما مما تختلف أفراده اختلافا عظيما لتفاحش الغرر في ذلك وهل يكفي تعينه في حد ذاته وإن كان مجهولا عند العامل جهالة لا تمنع من التسليم كسلب المقتول وهو ما معه من الثياب وغيره مما يسلب عنه بعد القتل ونصف العبد الآبق إذا رده ونحو ذلك أو يشترط تعيينه بحيث لا تبقى فيه جهالة أصلا مثل كذا دينار أو درهم الأكثر على الثاني لعدم الحاجة إلى احتمال الجهالة فيه ولأنه لا يكاد يرغب أحد في العمل إذا لم يعلم بالجعل فلا يحصل المقصود ونوقش بأن مبنى الجعالة على احتمال الغرر وربما لا يراد بذل شئ آخر غير المجعول عليه أو بعضه مع الجهل به وقد ورد في الحديث النبوي من قتل قتيلا فله سلبه ومن ثم ذهب المصنف ومن وافقه من المحققين إلى اغتفار جهالة العوض من حيث لا تمنع من التسليم كما مثلنا لأنه أمر واحد لا يقبل الاختلاف ولا يفضي إلى التنازع كالثوب والدابة وإن كان الأحوط المشهور وسادسها عدم نية التبرع به فلا جعالة للمتبرع بعمله سواء سمع بالجعالة أم لا ولا يعلم ذلك في الأولى إلا من جهته وسابعها أن لا يكون في مثل رد الآبق والضالة حصوله في يده قبل صدور الجعالة أو بعد صدورها وقبل العلم بها أو من غير سعي مطلقا لوجوب التسليم حينئذ وانتفاء العمل في الأخير أما العلم بالعمل بجميع خصوصياته من مدته والمؤنة المصروفة فيه وغير ذلك فلا يشترط قطعا لمسيس الحاجة إلى الأعمال المجهولة مثل رد الآبق والضالة من الأماكن المجهولة فلو شرط معلومية العمل توقفت وفيه اخلال بالحكمة وإذا اقتضت احتمال الجهالة في عمل القراض لتحصيل الزيادة فاحتمالها هنا لتحصيل أصل المال أولى وكذا لا يشترط تعيين العامل فلو قال من رد ضالتي فله كذا صح ومن ثم ذهب بعضهم إلى كونها ايقاعا لا عقدا ولو جعل مولى الآبق جعلا على رده من مسافة معينة كان يظنه على رأسها فرد من بعضها فله منه بنسبة المسافة على المشهور لأنه لم يعمل جميع العمل المشروط فكان له من الجعل بمقابلة عمله وسقط الباقي والمتجه أقل الأمرين من قدر النسبة وأجرة المثل ومن ثم عقبه بقوله احتياطا تنبيها على فقد النص وعدم ثبوت الشهرة على وجه يثبت به الاجماع وإن كان لا يعرف فيه خلاف والجعالة مطلقا من الأمور الجايزة من الطرفين بلا خلاف فيجوز لكل منهما فسخها والموجود في النسخ تذكير الضمير والأمر سهل ولا فرق في ذلك بين ما قبل التلبيس بالعمل وما بعده وفي الأول لا شئ للعامل مطلقا إذ لا عمل له وفي الثاني إن فسخ الجاعل فعليه له جعل ما عمل بالنسبة لأنه إنما عمل بعوض لم يسلم له ولا تقصير من قبله والأصل في العمل المحترم الواقع بأمر المالك أن يقابل بالعوض كذا قالوه وفيه أنه على تسليمة إنما يقتضي ثبوت أجرة ما للعامل لئلا يهدر عمله وهو يتحقق بأجرة المثل كما هو أحد القولين في المسألة ولا دليل على اعتبار النسبة مع تعذره فيما لو كان العمل مجهولا مثل رد الآبق الغير المعلوم المحل فلا محيص إذن عن الرجوع إلى أجرة المثل والمتجه في المعلوم أقل الأمرين منهما إن لم يستلزم خرقا للاجماع المركب كما تقدم نظيره وإلا يكن الفسخ من الجاعل بل من قبل العامل مطلقا فلا شئ له إذ لم يجعل له العوض إلا في مقابلة مجموع العمل ولعدم حصول الغرض المقصود للجاعل إلا فيما إذا كان العمل مركبا ذا أجزاء مترتبة الحصول يتعلق الغرض بأبعاضها بالذات مثل خياطة بعض الثوب وكتابة بعض الكتاب
(٢٤٠)