الخاص من السر المكنون الذي لا يوجد في غيره من الأعداد ولم يتنبه له إلا الراسخون في العلم ومن ثم اختاروه لما اختاروه في سننهم وفي الصحيح عنه (ع) الداعي والمؤمن شريكان في الأجر وأن ينظر من يدعو فيقدره حق قدره وكيف يدعو فإنه إن لم يكن يراه فإنه يراه ولما يدعو كما أمر به أبو عبد الله (ع) في مصباح الشريعة فلا يدعو بشئ ليس فيه صلاحه كتولية البلاد وهو يضعف عن سياسة أهله وعن أمير المؤمنين (ع) يا صاحب الدعاء لا تسأل ما لا يكون وما لا يحل والأول كان يحيى ميتة أو يسيل واديه ذهبا والثاني كالتمكن من الفواحش ولا ما يتضمن قلة الحياء وإساءة الأدب قال المفسرون في قوله عز وجل ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين أي لا يتجاوز الحد في دعائه كان يطلب منازل الأنبياء وعن أمير المؤمنين (ع) من سأل فوق قدره استحق الحرمان ونظيره في المشاهد أن السوقي الخامل إذا سأل مصاهرة الملك مثلا والانخراط في سلك المقربين خاب أمله ولو كان الملك كريما وأن يحافظ على لفظ الدعاء واعرابه بحيث لا يلحن فيه فإن الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله ويتأكد ذلك في الأدعية المأثورة ولا يتكلف السجع ولا غيره من المحسنات اللفظية فإنه يذهب بجزالة المعنى غالبا وأن تأتي ذلك صفوا فلا بأس والأولى الاقتصار على المأثورات فإن في دعوات أهل البيت (ع) لبلاغا لقوم عابدين وما من مقصد كلي ولا جزئي مما يحق أن يدعى له إلا وقد دون من بركاتهم صلوات الله عليهم أجمعين فيه أوراد وأدعية مبسوطة ومختصرة يختار الداعي منها ما يقتضيه الحال سيما سيد الساجدين (ع) في صحيفته المشهورة وأختيها وليبالغ في تصحيح ألفاظها وعباراتها والمحافظة على نظمها وآدابها من غير اخلال بشئ من ذلك بزيادة ولا نقصان ولا تقديم ولا تأخير فإن في كلمات المعصومين صلوات الله عليهم و تأليفاتها وإشارتها خواص ومقاصد لا توجد في غيرها وإن كانت المعاني متوافقة فإذا أتى الداعي بما ذكر من الشرايط وأخلص سره لوجه الله فليبشر بإحدى ثلاثة أما يتعجل له ما سأل ولفظ الرواية يعجل من باب التفعيل وهو أوفق وأما أن يدخر له ما هو أعظم منه وأما أن يصرف عنه ما لو أرسله عليه لهلك كذا في مصباح الشريعة وفي الحديث النبوي ما يقرب منه وعن أبي عبد الله (ع) إن العبد ليكون له الحاجة إلى الله فيبدء بالثناء على الله والصلاة على محمد وآل محمد حتى ينسي حاجته فيقضيها الله له من غير أن يسأله إياها وعنه (ع) قال الله من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين باب فضل قراءة القرآن وآدابه عن علي بن الحسين (ع) وأبي عبد الله (ع) بتغييرات لفظية من استمع حرفا منه مثل ألف ولام وميم لا أقول آية أو كلمة مثل ألم أو قراءة نظرا من غير صوت فله به حسنة ومحو سيئة ورفع درجة ومن تعلم منه حرفا ظاهرا أو قرأه في غير صلاة فله به عشرة أمثال ذلك ومن قرأه في صلاته جالسا فخمسون مثله وقائما فمائة ومن ختم كله فله دعوة مستجابة مؤخرة أو معجلة وروي أكثر من ذلك وبتلاوته ينور البيت ففي الحديث النبوي نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن وفيه وفي حديث أمير المؤمنين (ع) البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله (تع) فيه يضئ لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض وتكثر بركته ويحضره الملائكة ويهجره الشياطين الحديث وحقها أن يتأدب القاري بالآداب الباطنة والظاهرة وذلك بأن ينوي بالقراءة إيناس السر بالله عن وحشة الدنيا وقضاء حق الشوق بالمناجات معه عز وجل ومخاطبته واستماع خطابه وأن للمشتاقين بكتاب الحبيب الودود وترداد كلامه وما يجدون في ذلك من الحلاوة والطلاوة لفرحا وشغلا شاغلا وضبط أحكام العبودية من الأوامر والنواهي والحدود والبشارات والانذارات وغير ذلك وأن يتطهر فإن للمتطهر خمسا وعشرين حسنة ولغيره عشر حسنات ويتطيب فإن الملائكة تحضره ويتأدب بأحسن الأدب وهو من جملة التعظيم ويجوز الاضطجاع أحيانا رخصة سيما لذوي الأعذار وأن يتعوذ من الشيطان في ابتداء قرائته امتثالا لقوله (تع) وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وقد تقدمت صورته والأفضل أن ينظر في المصحف وإن كان حافظا عن ظهر قلبه لأن النظر فيه عبادة كما في رواية إسحاق بن عمار وورد أنه ليس شئ أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا وأن القاري فيه يمتع ببصره ويخفف العذاب عن والديه وإن كانا كافرين كذا في مرفوعة يعقوب بن زيد وغيرها وأن يقرأ في كل يوم لا أقل من خمسين آية وليكن إذا أصبح بعد التعقيب ولا يختم في أقل من شهر لأن القرآن لا يقرأ هذرمة أي سرعة إلا في شهر رمضان لأن له حقا وحرمة لا يشبهه شئ من الشهور فيكثر التلاوة فيه فيختم في كل ست ليال أو ثلاث وأن يرتله ترتيلا كما ورد الأمر به في الآية الكريمة وفسر في حديث أمير المؤمنين (ع) بحفظ الوقوف وبيان الحروف كما تقدم وفسر الأول بالوقف التام والحسن والثاني بالاتيان بصفاتها المعتبرة من الجهر والهمس والاطباق والاستعلاء وغيرها وعن أبي عبد الله (ع) احذر أن تقع من إقامتك حروفه في تضييع حدوده وأن يقرأ بصوت حسن فإنه حلية القرآن وعن أبي عبد الله (ع) في الترتيل هو أن تمكث وتحسن به صوتك وعلى حزن لأنه نزل بالحزن ولا يهذه هذ الشعر ولا ينثره نثر الدقل كما في حديث ابن مسعود والهذ سرعة القراءة أي لا يسرع فيه كما يسرع في قراءة الشعر ولا يفرق بين كلماته بحيث لا تكاد تجتمع كالدقل وهو ردئ التمر ويابسه وما ليس له اسم خاص فتراه ليبسه وردائته لا يجتمع ويكون منثورا وفي حديث أمير المؤمنين (ع) الرمل وهو أوضح وكان التعبير به أولى ولا يكون همه آخر السورة للنهي عنه فيه وهو كناية عن العجلة والتبرم ويعظم القرآن فإنه من أعظم شعائر الله وهو من الحقوق الواجبة على غير القاري أيضا والاستخفاف به ربما يكون كفرا وقد أكثر عصبة من المتأخرين من الخوض في أنه أفضل أم الكعبة فذهب إلى كل فريق ورد بعضهم على بعض ولجوا في الابرام والنقض وزاد الفضوليون من المعاصرين الخلاف في أنه أفضل أم أهل البيت (ع) لأنهما ثقلان أحدهما أكبر من الآخر ووضعوا في ذلك رسائل عديدة بمقالات
(١٤٨)