الأقوال الثلاثة في المسألة أو للتخيير كما في المفاتيح ولا يجوز قبول الوديعة للعاجز عن حفظها ابتداء واستدامة إلا أن يكون المالك عالما بحاله حين الايداع وإلا وجب اعلامه أو ردها إليه أو إلى وكيله من غير توقيف على المطالبة كالأمانات الشرعية ومع تعذر الرد إلى المالك أو الوكيل فإن أمكن ايداعه عند ثقة أو دفعه إلى الحاكم جاز والأولى تقديم الدفع إلى الحاكم لأنه منصوب للمصالح وهذه منها ووكيل عام للمالك فيدفع إليه عند تعذره ووكيله الخاص فإن تعذر فإلى الثقة والوجه الوجوب حينئذ والضمان مع الترك وكذا إن عجز عن الحفظ ثانيا بعد القدرة وإلا يكن عاجزا أو يمكنه الرد إلى المالك أو وكيله فلا يجوز له اخراجه من يده إلى غيرهما بلا خلاف فإن فعل أثم وضمن وهي جايزة من الطرفين فلهما الفسخ متى شاءا إلا ما علم استثناؤه مما ذكر ويجب على المودع أن يعجل الرد عند المطالبة من المالك فلو أخر من غير عذر ضمن ولا يجوز الخيانة فيه ولو بالتقاص ولو كان صاحب الوديعة كافرا كما استفاضت به عمومات أداء الأمانة إلى البر والفاجر من الكتاب والسنة مما تقدم وغيره ومنهم من أوجب في وديعة الحربي دفعها إلى سلطان الاسلام وكذا وديعة الغاصب عند بعضهم ومع التعذر تبقى أمانة ثم يوصي بها إلى عدل إلى ظهور مستحقه والمشهور أنه يمنع منها وتنكر وتعاد إلى مالكها إن عرف وإلا عرفت سنة ثم يجوز التصدق بها مع الضمان لما رواه المحمدون الثلاثة عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا واللص مسلم هل يردها إليه قال لا يردها عليه وإن أمكنه أن يرده إلى صاحبه فعل وإلا كان في يديه بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها عليه وإلا تصدق بها فإن جاء صاحبها بعد ذلك خيره بين الأجر والغرم فإن اختار الأجر فله الأجر وإن اختار الغرم غرم له وكان الأجر له وهي ظاهرة في تعين التصدق وتشبيهها باللقطة لا يقتضي جواز تملكها بعد التعريف كما قد يترائى لاحتمال انحصار وجهه في تعريف الحول فإنه من أخص أحوال المشبه به ولا يلزم فيه المشاركة في جميع الوجوه كما هو ظاهر باب الاقرار وهو لغة الاثبات وعرفا اخبار عن حق ثابت ويصح بغير العربية اختيارا واضطرارا قولا واحدا وشرطه أهلية المقر للتصرف فلا يقبل من الصبي وإن أذن له الولي إلا بما له أن يفعله إذا بلغ عشرا كالوصية والوقف والصدقة ولا المجنون ولا المكره ولا السكران خلافا لابن الجنيد فيمن شرب مسكرا باختياره ولا المحجور عليه للسفه إن أقر بمال ويقبل فيما عداه ولا المملوك مطلقا لأن اقراره إنما هو على غيره فلا يقبل معجلا نعم يتبع به بعد العتق إلا إذا كان مأذونا في التجارة فأقر بما يتعلق بها على المشهور لأنه يملك التصرف فيملك الاقرار أما المفلس فيقبل اقراره فيما عدا الأموال وبالدين في ذمته واقرار المريض قيل إنه من الأصل مطلقا وهو ظاهر المصنف في الكتاب وقيل للوارث من الثلث مطلقا وقيل بل مع التهمة منه مطلقا وعليه الأكثر وهو أجمع للأخبار ومن شرطه أهلية المقر له للتملك ولو كان حملا وعدم تكذيبه للمقر وإن لم يعتبر قبوله لفظا فإن كذبه فيما يفعل بالمقر به أوجه أظهرها عند المصنف تخير الحاكم بين أخذه واقرار اليد المقر عليه إلى أن يظهر مالكه و عدم تعليقه على شرط ولا صفة لمنافاة التعليق مقتضى الخبر واطلاق اللفظ يحمل على متفاهم العرف الخاص أو العام فلو أقر بمن طعاما حمل على من البلد ولا يقبل تفسيره بما ينقص عنه وكذا لو أقر بدابة لا يقبل تفسيرها بشاة أو سنور مثلا لكن في بعض روايات النكاح ما يؤذن بقبول الأخير فإن انتفى العرفان فاللغة كما تقرر في الأصول والقول بتقديم اللغة على العرف العام متهافت وربما يعمل على القرائن المعاندة للحقيقة حالية أو مقالية ويصرف المعنى عنها إلى المجازات المحتملة الأقرب فالأقرب ومع تعدد الحقيقة اللغوية أو العرفية أو أفرادها وإن كانت مشككة وانتفاء القرنية الموجبة لرفع الابهام عن مقصود المقر يرجع في تفسيره إليه لأنه أعرف بقصده ولو امتنع من التفسير حبس وعوقب عليه حتى يفسره بما قل أو كثر ويقبل منه الأقل عملا بأصالة البراءة عن الزائد فلو أقر بمال وفسره بدرهم فما دون قبل إلا أن يكون خلاف الأظهر بحسب القرائن كما لو أقر موسر البلد لمثله بمال عظيم ثم فسره بدرهم مثلا لأنه عظيم خطره حيث يكفر مستحله فإن الأقوى عدم قبول هذا التفسير لدلالة العرف والقرائن على بطلانه خلافا للمشهور حيث حكموا بقبوله مع تصريحهم بتقديم العرف على اللغة وقبول القرائن وقد جرت العادات بايراد هذه الأحكام في كتاب الاقرار وهي جارية في الوصية والنذر وغيرهما وورد في بعض الأخبار تفسير بعض الألفاظ المبهمة على وجوه مخصوصة وعمل بها بعضهم وأنكرها الأكثر كتفسير الجزء بالعشر أو السبع والسهم والشئ بالسدس أو السهم بالثمن والكثير بثمانين والقديم بما مضى عليه ستة أشهر ويلزم المقر باقراره لعموم اقرار العقلاء على أنفسهم جايز ولا يسمع انكاره بعده ولو اتصل به إلا أن يكون متمما للكلام كأن يقول له علي عشرة إلا واحدا وعشرة زيف ونحو ذلك بخلاف ما لو قال كان له علي عشرة فأوفيته فإنه يلزمه العشرة مع تكذيب المقر له ولا تقبل دعواه في السقوط وإذا أشهد بالبيع وقبض الثمن ثم أنكر فيما بعد وادعى أنه أشهد تبعا للعادة ولم يقبض قيل لا تسمع دعواه لأنه مكذب لإقراره وهو ظاهر المصنف هنا والأكثر على القبول لأنه ادعى أمرا معتادا وقواه في المفاتيح لأنه ليس مكذبا للاقرار بل مدع شيئا آخر فيكون على المشتري اليمين باب الصلح وهو عقد شرع بالأصل لقطع التجاذب والتنازع لقد توسع فيه بحيث لا يشترط بسبق خصومة عند أصحابنا وتمس إليه الحاجة كثيرا عند العلم باشتغال الذمة بحق مجهول القدر أو المستحق ونحو ذلك والأكثر على أنه عقد لازم مستقل برأسه على حد سائر العقود وليس فرعا على غيره وإن أفاد فائدته خلافا لمن فرعه على أحد عقود خمسة فإن أفاد نقل العين بعوض فالبيع أو بغيره فالهبة أو المنفعة
(٢٥٩)