الغير في الاعطاء أو الأخذ حيث يكون أولى وهذه أيضا مقاصد راجحة لا ضير فيها وبها يرجح الاظهار فإنه يختلف الحكم في ذلك باختلاف النيات والأحوال والأشخاص المعطين والآخذين فليراقب ذلك فإنه أزلق موضع من مواضع الغرور والاعتياد بالاسرار أسلم في الجملة باب زكاة الجسد وهو نقصه لمزيد الخير والبركة كزكاة المال إما اضطرارا بأن يصاب بآفة كعثرة أو خدشة أو مرض حتى اختلاج العين وفيه ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يوما لأصحابه ملعون كل مال لا يزكى ملعون كل جسد لا يزكى ولو في كل أربعين يوما مرة قيل يا رسول الله أما زكاة المال فعرفناها فما زكاة الأجساد فقال لهم أن تصاب بآفة فتغيرت وجوه الذين سمعوا ذلك منه فلما رآهم قد تغيرت ألوانهم قال هل تدرون ما عنيت بقولي قالوا لا يا رسول الله قال إن الرجل يخدش الخدشة وينكب النكبة ويعثر العثرة ويمرض المرضة ويشاك الشوكة وما أشبه هذا حتى ذكر في حديثه اختلاج العين وأما اختيارا وهو الأكمل الأفضل بأن يصرف في الطاعة ويمنع عن المعصية وفيه ورد عن أبي عبد الله (ع) حديث زكاة الأعضاء ومصارفها في مصباح الشريعة قال على كل جزء من أجزاء بدنك زكاة واجبة لله عز وجل بل على كل منبت شعرك بل على كل لحظة فزكوة العين النظر بالعبر والغض عن الشهوات و ما يضاهيها وزكاة الأذن استماع العلم والحكمة والقرآن وفوايد الدين من الموعظة والنصيحة وما فيه نجاتك بالاعراض عما هو ضده من الكذب والغيبة وأشباههما وزكاة اللسان النصح للمؤمنين والتيقظ للغافلين وكثرة التسبيح والذكر وغيره وزكاة اليد البذل والسخاء بما أنعم الله به عليك وتحريكها بكتبة العلوم ومنافع ينتفع بها المسلمون في طاعة الله والقبض عن الشرور وزكاة الرجل السعي في حقوق الله من زيارة الصالحين ومجالس الذكر واصلاح الناس وصلة الرحم والجهاد و ما فيه صلاح قلبك وسلامة دينك الحديث وعن النبي صلى الله عليه وآله أن لكل شئ زكاة وزكاة الأبدان الصيام وهو أعم من الأول وورد أن زكاة العلم بذله والحلي إعارته والبيت اعداد موضع منه للضيافة كتاب الصيام بسم الله الرحمن الرحيم الصيام في اللغة الامساك وقيل السكون وشرعا الكف عن المفطرات طول النهار مع النية ويرادفه الصوم وربما يخص بما اشتمل على الامساك عن الكلام أيضا كما كان في الشرايع السابقة استيناسا بقوله سبحانه كتب عليكم الصيام وقوله (تع) نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم أنسيا وهو من أفضل السكنات كما أن الصلاة من أفضل الحركات وفي عدة أخبار إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير وذلك أن الغني لم يكن ليجد من الجوع فيرحم الفقير مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات باب التعداد الصيام أربعة أقسام فريضة ونافلة ومكروه وحرام والثالث لا يخرج عن الأولين لأنه عبادة راجحة حيث لا يحرم فالمراد به ما يقارنه أمر يقل بسببه ثوابه بالنسبة أي ما لا يقارنه ذلك الأمر وإنما يفرد بالبحث اهتماما افراد الأسار به بعد المطلق والمضاف مع أنه ليس بخارج عنهما والفرائض الأصلية أربع صوم شهر رمضان وبعض الكفارات وبدل الهدي للمتمتع العاجز عنه وثالث أيام الاعتكاف على المشهور والنوافل ثلاثة أقسام بحسب تفاوتها في الفضل سنة واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وهي أفضلها وتطوع وهو بعدها وقد يطلق عليهما جميعا الترغيب والسنة والتطوع وتأديب وهو إمساك بعض اليوم مع النية تشبها بالصائمين و ليس من الأقسام الحقيقية وإنما يعد منها تجوزا والسنة هي صوم الثلاثة الأيام من كل شهر كذا في نسخ الكتاب والمفاتيح ومنع المعربون من ادخال اللام في المميز والمميز جميعا وعده الحريري في درة الغواص من أوهام الخواص وأما وروده في بعض ألفاظ الروايات فلا حجة فيه إذ لا قطع بكونها منقولة باللفظ وهي الأيام التي ورد في حديث أبي عبد الله (ع) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض على صيامهن وقال إنهن يعدلن صوم الدهر ويذهبن بوسوسة الصدر وفي موثقة زرارة أنها جميع ما جرت به السنة في الصوم والمشهور في الفتاوى والروايات أنها أول خميس من الشهر وآخر خميس منه وأول أربعاء من العشر الثاني ومنهم من خير بين أربعاء بين خميسين كما ذكر وخميس بين أربعائين لرواية ضعيفة وقيل هكذا في شهر وهكذا في شهر دايما لأخرى مثلها ومنهم من جعل الأربعاء الوسط الأخير من العشر الثاني والتطوع هو صوم سائر الأيام ما عدا الحرام فينطوي على بعض المكروه كما ذكرنا وورد في الحديث القدسي برواية الفريقين الصوم لي وأنا أجزي عليه وقد قيل في وجه تخصيصه بتشريف الاختصاص مع أن الأعمال الصالحة كلها لله أنه سر يبعد عن مخالطة الرياء ويشتمل على ترك الشهوتين وتضعيفهما وهما أوسع مداخل الشيطان ومن ثم ورد أهلك الناس الأجوفان البطن والفرج ويوجب صفاء العقل والفكر الموجب لانكشاف المعارف الإلهية وفيه التشبه بالملأ الأعلى والتخلق بخلق الصمدية وهذه الخصايص ليست مجتمعة في غيره ويتأكد الاستحباب في الأيام الشريفة كشهري رجب وشعبان كملا أو ما تيسر منهما فإن رجب شهر أمير المؤمنين (ع) وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله كما أن شهر رمضان شهر الله وأول تسع من ذي الحجة فيعدلن صوم الدهر والثامن عشر منه وهو يوم الغدير ويعدل ستين شهرا وفي رواية ستين سنة وفي أخرى عمر الدنيا ويوم الدحو وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة دحيت فيه الأرض أي بسطت والمولد وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول على المشهور كما مر في باب الغسل وبه صرح في حديث الصوم وأما القول بأنه الثاني عشر منه كما ضبطه الشيخ الكليني وهو المشهور بين القوم فهو أعلم بمأخذه ولا يستشكل بما ذكره من أن الحمل به صلى الله عليه وآله كان في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى فيلزم أن تكون مدة حمله أما ثلاثة أشهر أو خمسة عشر شهرا ولم يذكر ذلك من خصايصه وذلك لأن العرب كانوا يحجون في الجاهلية موسم ادراك الغلات والثمرات ليوافق ذلك حضور التجار واجتماع الخلق الكثير من الأطراف فكان حجهم يدور في شهورهم وهو النسيئ الذي
(١٦٣)