رسول الله صلى الله عليه وآله وفي رواية أبي بصير وغيرها عن أبي عبد الله (ع) أن الرجل منكم يشرب الشربة من الماء فيوجب له بها الجنة ثم فسرها بما ذكر وفي رواية عمر بن يزيد أنه يسبح ذلك الماء له ما دام في بطنه إلى أن يخرج وورد في النبوي وغيره مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا فإن الكباد من العب والعب شرب الماء بغير مص والكباد كغراب داء الكبد وهذا مما حذر عنه الأطباء أيضا سيما في الشتاء ولا يشرب في آنية الذهب والفضة ولا المفضضة والمشهور أن حكمها في الشرب حكمها في الأكل وفي موثقة سماعة لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة وروى المحمدون الثلاثة وصاحب المحاسن في الموثق عن بريد العجلي عن أبي عبد الله (ع) أنه كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك وزاد الصدوق فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة وفي صحيحة عبد الله بن سنان لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة وهكذا ذكره الأصحاب أيضا والمستفاد منها أن المراد بالمفضض ما أصله من خزف أو نحاس أو غيره ركب على حاشيته قطعات من فضة مصمتة أو مشبكة أوصالا مفصولة بعضها عن بعض أو نقشت كذلك بفضة محلولة أو سمرت بها وشموله لما علق عليه حلقة من فضة في غاية البعد وأما المموه سواء كانت طلاء يتعذر تخليصها بالنار أو صفايح ممكنة فلا يبعد اندراجه في الفضة ولا سيما الأخير والأحوط اجتناب الجميع واجتناب المذهب بطريق أولى وإن كان خارجا عن الروايات ويشرب من آنية الخشب والخزف ولا سيما الأقداح الشامية ففي النبوي أنها أنظف آنيتكم وورد عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اشربوا الماء بأيديكم فإنها من خير أوانيكم حيث مر بقوم يشربون الماء بأفواههم في غزوة تبوك ويشرب قائما بالنهار فإنه أقوى وأصح للبدن وأدر للعرق ويمرئ الطعام وجالسا بالليل فإن القيام فيه يورث الماء الأصفر وينظر فيه قبل الشرب ليميط ما به من أذى إلا ينفخ فيه ولا يتنفس فيه بل ينحيه عن فمه إذا أراد ذلك أو المراد النهي عن التنفس شاربا لأن الحجاب الموضوع على فم الحلقوم المنطبق عليه حين الأكل والشرب ينكشف حين التنفس فيخاف أن يدخله شئ من المشروب فتتعب الطبيعة في دفعه ومن ثم ورد النهي عنه حين ابتلاع اللقمة أيضا بل هي أعسر دفعا وكثيرا ما قتل صاحبه ولا يتجشأ في الكوز بل ينحيه ويصرف وجهه ويحفظ أسفله عن الترشح عليه وتلويث ثيابه ويشرب من ما يقابل العروة من شفته فإن كان له عروتان فمن إحدى شفتيه أو ثلاثة فمن شفته الوسطى ويجتنب الشرب من فم السقاء واختناثه أي أن يكسر فاه فيشرب منه للنهي عنهما في النبوي وأذن الكوز وهو عند عروته فإنه مجتمع الوسخ ومشرب الشيطان وموضع كسره فإنه مقعده وروي أيضا مشرب الشياطين ويدعو بعد الشرب بالمأثور وهو الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا ولم يسقنا ملحا أجاجا ولم يؤاخذ بذنوبنا وروي غيره ويذكر الحسين (ع) ويلعن قاتليه فعن أبي عبد الله (ع) ما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (ع) وأهل بيته ولعن قاتله إلا كتب الله له مائة ألف حسنة وحط عنه مائة ألف سيئة ورفع له مائة ألف درجة وكأنما أعتق مائة ألف نسمة وحشره الله يوم القيامة ثلج الفؤاد ويتبرك بسؤر المؤمنين ويستشفى به ولا سيما الكبار فإنهم أبرك وورد في المستفيض سؤر المؤمن شفاء وزيد في بعضها من سبعين داء ولا يرد الماء إذا عرض عليه فإنه من رد الكرامة على وجه بل يشرب ولو قليلا ولا يعرض عنه وكأنه مستدرك وإذا كانوا جماعة فشرب أولهم يدار الكوز على الباقين بالأيمن فالأيمن وكذا كل ما يدار على قوم يدار يمته باب الضيافة قال رسول الله صلى الله عليه وآله الضيف يجئ برزقه ويذهب بذنوب أهله أما ذهابه بذنوب أهله فسبيله السمع وهو مناسب لقواعد الفضل و الرحمة فإن الحسنات يذهبن السيئات فينبغي تقييده بما إذا كانت الضيافة عن سخاوة منهم و طيب نفس لا كراهة أو رياء أو نحوهما وأما مجيئه برزقه فمما يعرف له سبب من جهة الطبيعة وذلك أن كل مولود يقدم إلى فضاء الدنيا فالجزء الواقع من الفلك الأعظم على الأفق الشرقي في بلاده حينئذ وهو الطالع هو الذي يلي تربية نفسه وبدنه والذي يليه عليه التوالي تربية رزقه ومعاشه وهكذا سائر أحواله في تدبير سائر أجزاء الفلك إلى تمام البروج الاثني عشر الذي يكمل بها الدورة كما أن مدبر النفس والبدن يلي ايصال مدد الحياة إليه على الدوام من غير انقطاع إلى أن يبلغ الكتاب أجله سواء كان في وطن أو سفر بر أو بحر كذلك مدبر المعاش وسياقه الرزق إليه مدة الحياة أينما كان في بيته أو بيت غيره وهذا هو الرزق الذي وردت الرواية أنه يطلبك وربما يكون مدبر الرزق في بعض الأشخاص مسعودا قوي التأثير فيسري فيضه إلى من يلابسه ويتصل به ضرب اتصال ومن ثم ورد الأمر بمشاركة من أقبل عليه الرزق فإنه أجلب للرزق وأمر من اشتكى الفقر بالتزويج رجاء لحصول السعة بمواصلة الزوجة كما قال (تع) أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقد شاهدنا كثيرا نزول الأضياف على من لا يملك بلغة يومه فتسهلت عليه الأمور ما داموا على بساطه بأسباب غير محتسبة ثم لما ارتحلوا عنه انقطعت تلك الأسباب وعاد إلى ما كان عليه من سوء الحال والنكد وفي حديث آخر لا خير فيمن لا يضيف من باب الأفعال أو التفعيل وذلك لأن اطعام الطعام مما يقتضيه الطبع السليم ويستحسنه العقل الرزين وهو من السنن المحبوبة لله عز وجل فالتارك له منسلخ عن حكم الطبع والعقل والشرع وفي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أكلة يأكلها أخي المسلم عندي أحب إلي من أن أعتق رقبة وحقها أن يبتدئ المضيف بوضع اليد في الطعام ويتأخر برفعها عنه وهما من السنة ولا يستخدم الضيف فعن أبي جعفر (ع) أنه من الجفاء ولا يمكنه أن يخدم ولو باصلاح الفتيلة ويبتدئ بالغسل قبل الأكل لأنه يدعو الناس إلى كرمه فحكمه أن يتقدم ليتبعوه وفي رواية ابن عجلان لئلا يحتشم أحد ثم من كان جالسا على يمينه إلى الباب
(٣١٣)