أردت فأسئلك أن تبارك لي في رحلي وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني فإذا أتى عرفات ضرب خبائه بنمرة بفتح النون فكسر الميم وهي بطن عرنة بضم الفاء ففتح العين بحيال الأراك قريبا من المسجد فإذا زالت الشمس قطع التلبية وجوبا واغتسل ندبا وصل الظهرين أول الوقت يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين وعن أبي عبد الله (ع) إنما تعجل بالصلاة وتجمع بينهما للتفرغ للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة وهو من الأوقات المرصودة فيأتي سفح الجبل وهو أسفله الذي يسفح فيه سيله ويكره أعلاه وحرمه بعضهم في ميسرته وهو ميمنة الجبل أو الضمير راجع إلى الجبل أي بالنسبة إلى القادم إليه من مكة على سكينة ووقار متطهر فيقف بالكون فيه ثمة مطلقا والمشهور أن أفضل أفراده القيام لأنه أحمزها مطلقا ومنهم من قيده بما إذا لم يناف الخشوع لشدة التعب فتسقط وظيفته حينئذ وليكن ذلك بعد جمع رحله وضم أمتعته بعضها إلى بعض ليأمن عليه الذهاب فلا يفوته الاقبال والتوجه بقلبه إلى ما به من الدعاء والضراعة والذكر ويدعو بدعاء الموقف والمأثورات فيه كثيرة أعلاها دعاء سيد الشهداء (ع) ثم دعاء سيد الساجدين (ع) في الصحيفة ويدعوا لأبويه كثيرا ويستوهبهما من ربه ويؤثر الدعاء لإخوانه المؤمنين على الدعاء لنفسه ويجتهد في الدعاء غاية الجهد ولا يمل منه ومن التضرع و المسألة كما في موثقة أبي بصير ومنهم من أوجب صرف زمان الوقوف كله في ذلك ثم يفيض إلى المشعر وهو المزدلفة بعد الغروب بعرفات مشتغلا بالاستغفار فإن الله يقول ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم وعليه السكينة والوقار كما في صحيحة ابن عمار داعيا عند التوجه إلى المشعر بقوله اللهم إني أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم أو أقطع رحما أو أو ذي جارا وروي غيره وعند انتهائه إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق بقوله اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي وينزل في بطن الوادي دون أن يرتفع على الجبل وفي صحيحة الحلبي وغيره انزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر وهو هنا أخص من المزدلفة فقيل إنه ما قرب إلى المنارة وقيل جبل هناك يسمى قرخا وقيل إنه المسجد الموجود الآن فإن لم يجد موضعا فيه فلا بأس بالصعود على المازمين أو الجبل لكن لا يجاوز الحياض للنهي عنه في حسنة الحلبي وغيره ويصلي العشائين بأذان وإقامتين من غير نافلة بينهما ويؤخر نوافل المغرب بعد العشاء جمعا بين فضيلتي الجمع والنافلة ولا يصلي المغرب إلا بها وإن ذهب ربع الليل إلى ثلثه كما في صحيحة محمد بن مسلم وإن استطاع أن لا ينام تلك الليلة بل يحييها فليفعل فإن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين لهم دوي كدوي النحل كذا ويأخذ حصى الجمار التي يرميها بمنى من جمع وهو بصيغة المصدر المزدلفة سمي بذلك لما ورد أن آدم جمع بين العشائين فيه أو لاجتماع الناس به وإنما أظهر في موضع الاضمار محافظة على لفظ المأثور وإن شاء فمن رحله بمنى كما في حسنتي معاوية وربعي أو حيث شاء من الحرم كما في حسنة زرارة إن أخذته من الحرم أجزأك وإن أخذته من غير الحرم لم يجزك إلا المساجد مطلقا كما في المفاتيح وغيره بناء على تحريم خروج الحصى منها واقتصر جماعة في الاستثناء على ما في رواية حنان عن أبي عبد الله (ع) يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم إلا من المسجد الحرام أو مسجد الخيف ولا يأخذ الحصاة المرمية وهو المراد باشتراط البكارة في كلام الأصحاب ولا يكسرها للنهي عنه في رواية أبي بصير وأما النهي عن المكسرة كما في كلام الأصحاب فلا دلالة له عليها ولتكن رخوة منقطة وهي المراد بالبرش في بعض الروايات كحلية لا سوداء ولا بيضاء ولا حمراء مثل الأنملة كما في رواية البزنطي ويغسلها وفي اشتراط طهارتها قولان ويشدها في طرف ثوبه معدة لوقت الحاجة ويقف متطهرا بعد فريضة الصبح إلى طلوع الشمس للمختار وإلى الزوال للمضطر اجماعا بسفح الجبل ويجوز ارتفاعه مع الزحام وقيل مطلقا ويدعو بالمأثور وهو اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار وأوسع على من رزقك الحلال وأدر عني شر فسقة الجن والإنس اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مرغوب وخير مسؤول ولكل وافد جايزة فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي وإن كان الحاج صرورة استحب له أن يطأ المشعر بالمعنى الأخص برجله كما في صحيحة الحلبي وغيره والظاهر صدقه مع الخف والحفاء وزاد الصدوق أو براحلته إن كان راكبا ويجتهد في الدعاء ويعترف بذنوبه بعد طلوع الشمس واشراق ثبير سبع مرات ويتوب إلى ربه سبعا ثم بعد الطلوع يفيض منها إلى منى ولا يفيض قبله مطلقا أخذا باليقين والمشهور توقيتها لغير الإمام بما قبل طلوع الشمس بقليل وله بما بعده وكيف كان فلا يجوز لأحد أن يجوز وادي محسر قبله قولا واحدا كما في المفاتيح وليكن في توجهه ملتبسا بسكينة خلاف ما كان يفعل في الجاهلية وذكر واستغفار كما في صحيحة ابن عمار إلى أن يبلغ وادي محسر ثم يسعى فيه إلى أن يتجاوزه كما ورد وفي بعضها مقدار مائة ذراع ومائة خطوة و يحمل على تأكد الاستحباب وإن كان راحلا يحرك راحلته قليلا كما في هرولة ما بين الصفا والمروة ويدعو بما دعا به رسول الله صلى الله عليه وآله وهو اللهم سلم لي عهدي واقبل توبتي واجب دعوتي واخلفني فيمن تركت بعدي فإن ترك السعي رجع ولو من مكة وسعى وإن كان لا يعرفه سأل الناس كما في حديث حفص وغيره ثم يمضي إلى منى وهو الموضع الذي تمنى فيه إبراهيم في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء له فأعطاه مناه كما روى عن أبي الحسن (ع) ويأتي الحمرة القصوى و هي العقبة فيه كما سبق ويستحب أن يكون متطهرا وأوجبه بعض القدماء لصحيحة محمد بن مسلم
(١٨٨)