وهو العبوس والاستخدام بغير أجرة وهتك الستر كحكاية سؤله والحاجة لمن لا يرضى بعلمه بذلك والاستخفاف به في المجلس والكلام وغيرهما وسببه استكثار العطاء والتكبر على القابض الناشئين من الجهل هكذا في نسخ الكتاب والحقايق والصواب تثنية الضمير إلا أن يرجع إلى ما ذكر فإن الاستكثار سبب المن كما قال (تع) ولا تمنن تستكثر والتكبر سبب الأذى وكلاهما ناشئان من ضعف اليقين برجحان رضاه (تع) الحاصل بالبذل على اقتناء خسيس فإن من حطام الدنيا وهو ذلك القليل المبذول و نسيان فضل الفقير عليه بالتسبب له إلى ما ذكر من الخير أو فضله مطلقا حيث إنه (تع) قلل له في الدنيا توفيرا عليه في الآخرة بخلاف الغني فإنه أذهب طيباته في الحياة الدنيا وعن أمير المؤمنين (ع) من علم أن ما صنع إنما صنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ولم يستردهم في مودتهم فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيت إلى نفسك ووقيت به عرضك واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن رده باب آداب الآخذ بصيغة الفاعل وهو أن يعلم أن الله أوجب على المعطي صرفه إليه وسلط عليه من الدواعي والإرادات ما أوجب صرفه إليه فإن الشئ ما لم يجب لم يوجد ليكفي به مهمه فيتجرد للعبادة فينبغي أن يشكر الله (تع) أولا فإنه المنعم الأول ويشكر المعطي ثانيا لأنه الواسطة والنعمة جارية على يده وإنما أعاد الفعل مع ما هو بصدده من الايجاز تنبيها على تغاير الشاكرين فيدعو له كما أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله بذلك بقوله خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم وصل عليهم وقد صلى على آل أبي أوفى ويثني عليه مع رؤية النعمة منه (تع) فورد في الحديث النبوي من لم يشكر الناس لم يشكر الله وإن كان ما أتى إليه معروفا كافأه بما يستطيع من المعروف ولو بالثناء والقول الجميل فعن النبي صلى الله عليه وآله من أتي إليه معروف فليكافئ به وإن عجز فليثن فإن لم يفعل فقد كفر النعمة وعن أبي عبد الله (ع) لعن الله قاطعي سبيل المعروف قيل ما قاطعوا سبيل المعروف قال الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره وفي حديث أمير المؤمنين (ع) من صنع مثل ما صنع إليه فإنما كافأه فإن ضعف كان شكورا ومن شكر كان كريما ويستر ما انكشف له من عيوب صاحب العطاء فإنه فيه آكد ولا يحقره وإن كان عطاؤه حقيرا ولا يذمه فإنه من أشد الكفر أو المعنى النهي عن تحقير العطاء ومذمته فإنهما من الآداب أيضا لكن فيه تشويش الضماير ولا يعيره بالمنع إذا منع بل يعذره ومنع في القاموس من ادخال الباء في ثاني مفعولي فعل التعيير ويفخم عند نفسه وعند الناس صنيعه الذي وفقه الله له بحيث لا يخرجه عن كونه واسطة لئلا يكون مشركا فعن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال هو قول الرجل لولا فلان لهلكت ولولا فلإن لما أصبت ولولا فلان لضاع عيالي ألا ترى أنه جعل الله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه قيل فيقول لولا أن من الله علي بفلان لهلكت قال نعم لا بأس بهذا ونحوه وأن لا يسأل من غير حاجة فورد عن السجاد (ع) أنه يضطره يوما إلى السؤل من حاجة بل يستعفف من السؤال ما استطاع ففي النبوي وغيره من فتح على نفسه بابا من مسألة فتح الله عليه بابا من فقر وعن أبي عبد الله (ع) إياكم والسؤل فإنه ذل في الدنيا وفقر معجل وحساب طويل يوم القيامة وأن يتوقى مواقع الريبة والشبهة في أصله ومقداره فلا يأخذ أصلا ممن لا يحل ماله غالبا في غالب ظاهر الشريعة وأما أموال السلطان فإن فيها حقوق الفقراء ومن ثم وردت الرخصة في تناول جوائزهم وأن عليه الوزر ولك المهنى ولا الزيادة على القدر المباح له وإن بذلت له جهلا بحاله أو بالحكم فالعزيمة التي لا ينبغي التعفف عنها قوت يوم والرخصة التي لا ينبغي الزيادة عليها قوت سنة وفي بعض الآثار التحديد بأربعين يوما وستة أشهر وغير ذلك ويمكن حملها على الغريمة والرخصة نظرا إلى اختلاف الأشخاص والأحوال في قوة التوكل وضعفه وأن لا يسأل على رؤس الملأ لما فيه من افتضاح نفسه وسقوط مروته والتظاهر بالشكوى من الله في قصور نعمته عليه وغير ذلك مما يأتي وفي الحديث النبوي لا تسألوا أمتي في مجالسها فتبخلوها وسيما ممن يستحي من الرد في الملأ فيدعوه ذلك إلى التكلف البذل رياء فيحرم على الآخذ ويأثمان جميعا وأن يتورع العالم من أخذ الزكاة لنفسه ما لم يضطر إليه فيقتصر على قدر الضرورة تنزيها لنفسه عن الأوساخ كما تقدم وأن يستر الآخذ الأخذ ابتداء واستدامة بنية أنه أبقى لستر المروة بكسر السين إضافة بيانية وذلك لأن التجاهر بالأخذ مما يهتك جلباب الحياء ويذهب بماء الوجه وربما يفضي إلى التقاضي من غير ضرورة وكشف الحاجة أي ظهور كونه محتاجا فإن نفوس ذوي المروات المطلعين على حاجته ما لم يعلموا أنه أخذ شيئا ربما تتحرك إلى صلته واعطائه وإذا علموا ذلك يكتفون به غالبا فيصير سببا لحرمانه عن الفضل والتعفف وهو من الصفات المحمودة كما مر وأسلم لقلوب الناس وألسنتهم لا سيما أكفاؤه المراقبين له من الطامعين أما قلوبهم فمن الانكسار الحاصل لها بسبب حرمانهم وفوزة ومن الحسد له على ما أخذ وسوء الظن به حتى لو أظهر الحاجة بعد ذلك لم يصدق وأما ألسنتهم فمن الغيبة له وللمعطي تشفيا لقلوبهم وإعانة للمعطي على ما ربما كان أصلح له من الاسرار وأصون لنفسه عن الاذلال لا سيما إذا كان المأخوذ من أوساخ الأيدي وأبعد عن شبهة الشركة في العطية فإن الحضار شركاؤه فيها فورد أن الهدايا مشتركة يعني بين المهدى إليه والحاضرين وفي أخرى جلساء الرجل شركاؤه في الهدية وكل هذه فوايد دينية ودنيوية تتحقق في ضمن الستر ويسوغ قصدها كلا أو بعضا به فيرجح أو يظهر بنية الاخلاص بمعناه اللغوي والصدق والسلامة عن تلبيس الحال بإرائة نفسه مليا وهو فقير واسقاط الجاه والمنزلة عن القلوب حيث يرى ذلك أصلح لحاله واظهار العبودية والمسكنة باظهار الحاجة والتبري عن الكبر اللازم للجاه والمال غالبا وإقامة سنة الثناء والشكر اللساني لله وللمعطي وغير ذلك مثل ترغيب
(١٦٢)