فعن سيد الساجدين (ع) أنه كان يلقي فروة حال الصلاة وكان من فرى العراق فقيل له في ذلك فقال إن أهل العراق يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون أن دباغه ذكاته والثوب الذي يلاصق وبر الأرانب والثعالب سواء كان فوقه أو تحته والرواية مختصة بالأخير وفي الثياب السود حتى القلنسوة فإنها لباس أهل النار وعن أبي عبد الله (ع) يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء وهي شاملة لغير حال الصلاة أيضا كما يأتي في كتاب المعيشة وروي النهي عن الصلاة بالخصوص في الثوب الأسود مع استثناء الثلاثة في مرسلة في الكافي وفي الثوب المشبع اللون أي لون كان ومنهم من خصه بالحمرة والرواية إنما وردت بكراهة الثوب المفدم فمنهم من فسره بالشديد الحمرة ومنهم من عمم وكيف كان فتتأكد في المعصفر و المزعفر لورود الكراهة فيهما بالخصوص والرقيق الغير الحاكي للعورة إذا كان وحده فإن كان حاكيا حرم وإن كان معه غيره جاز من غير كراهة وفي المعتصم حكم بعدم الكراهة في الثوب الواحد الكثيف وعول على أنه مقتضى النص وكلام الأصحاب وفي الصحيح عن زياد بن سوقه عن أبي جعفر (ع) لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب الواحد وأزراره محلولة أن دين محمد صلى الله عليه وآله حنيف وفي السراويل وحده وسائر البدن مكشوف إلا أن يجعل على عاتقه شيئا ولو جلا كما في صحيحة محمد بن مسلم وفي صحيحة ابن سنان إن كان معه سيف فليقلد السيف وتكره الصلاة مع الخضاب للرجل والمرأة وإن كان الخضاب والخرقة نظيفين واللثام للرجل وتخف حالة الركوب وقيل بتحريمه وفي صحيحة الحلبي لا بأس بذلك إذا سمع الهمهمة ولا يبعد شموله للمرأة أيضا كما في اللمعة والنقاب للمرأة إذا كشفت عن موضع السجود وإلا حرم ولا يبعد شموله للرجل وخلو جيدهن عن القلائد ففي حديث أمير المؤمنين (ع) لا تصلي المرأة عطلا وفي الخلاخل المصوتة لهن دون الصماء وظاهر القاضي التحريم والمستند صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (ع) أنه سأله عن الخلاخل هل تصلح للنساء والصبيان فقال إن كانت صماء فلا بأس وإن كان لها صوت فلا تصلح وهي ظاهرة في عدم الاختصاص بالصلاة وكذا اشتمال الصماء ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) إياك والتحاف الصماء قلت وما التحاف الصماء قال إن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد والقميص الذي ليس له رداء للإمام ففي صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) في رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء قال لا ينبغي أن لا يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها والظاهر أن جملة ليس عليه رداء صفة ثانية للرجل والضمير المجرور عايد إليه لأنه أوفق بالجواب لا إلى القميص والجملة صفة له والمراد أنه ليس عليه إلا قميص فكان عليه اشتراط انحصار اللباس في القميص في ترتب الحكم بكراهة ترك الرداء للإمام ومن اجتنب في صلاته القباء المشدود وفي غير الحرب وما يستر ظهر القدم ولا يستر شيئا من الساق كالشمشك ونحوه والنعال السندية فقد أخذ باليقين وخرج من خلاف من حرمها من المتقدمين باب القبلة وهي في الأصل الموضع الذي عليه الانسان بالنسبة إلى ما يستقبله ثم نقلت إلى ما يجب استقباله في الصلاة وهي الكعبة للقريب وهو الذي يتمكن من العلم بها من غير مشقة كثيرة عادة كالمصلي في بيوت مكة وجهتها للبعيد وقيل الكعبة قبله لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لم كان في الحرم والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه كما في رواية الحجال وغيره عن أبي عبد الله (ع) والخلاف قليل الجدوى والمراد بالكعبة ليس نفس هذا البناء بل الفضاء المشغول به النازل في تخوم الأرض الصاعد أعنان السماء ومن ثم صحت صلاة النازل في البئر والسرداب مثلا وكذا الصاعد على أبي قبيس كما ورد فلو صلى على سطح البيت أبرز بين يديه ما يصلي إليه وقيل بل يستلقي على ظهره ويصلي موميا إلى البيت المعمور كما في رواية عبد السلام عن أبي الحسن الرضا عليه السلام والحجر ليس من الكعبة لصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شئ من البيت قال لا ولا قلامة من ظفر ولكن إسماعيل دفن أمه فيه فكره أن توطأ فحجر عليها حجرا وفيه قبور الأنبياء وقيل إنه منها فيجوز استقباله ونقل الشهيد في الذكرى أنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل إلى أن بنت قريش فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه وكان كك في عهد النبي صلى الله عليه وآله ونقل عنه الاهتمام بادخاله في بناء الكعبة وبذلك احتج ابن الزبير حين أدخله فيها ثم أخرجه الحجاج ورده إلى ما كان وتعرف القبلة بالعلامات المذكورة في المطولات وكلها مأخوذة عن فن الهيئة ومن جملتها العمل بالأسطرلاب والدائرة الهندية والشاقول واعتبار بعض الثوابت المرصودة والمنصوصة منها الجدي وهو النجم المقارب للقطب الشمالي ففي رواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن القبلة فقال ضع الجدي في قفاك وصل وفي أخرى عنه (ع) أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قال نعم قال اجعله على يمينك فإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وفي الحديث النبوي في قوله عز وجل وعلامات وبالنجم هم يهتدون هو الجدي لأنه نجم لا يزول وعليه بناء القبلة وبه يهتدي أهل البحر والبر والأخيرة مجملة جدا وكذا الأولتان إذ من المعلوم أنه لا يمكن اجراؤهما في جميع بلدان الدنيا فلا بد من تخصيصهما ببعض البلاد الممكنة والثانية تشتمل على تدافع ظاهر لا يرتفع إلا بنحو ذلك ولا طريق إلى ذلك أوثق من الرجوع إلى قواعد الهيئة فإنها لمن عرفها محصلة للقطع بالجهة والمطابق لها الابتناء عليهما في بعض بلاد العراق وما يساويها في الطول أي البعد عن مبدأ العمارة من جهة المغرب من بلاد
(١٢٧)