وبناء بعض سافات الحايط ونحوها وكان المانع عن اتمامه غير اختياري كالعمى أو الموت أو الظالم فإن اهدار مثل هذا العمل ضرار واضح وأوضح منه ما لو كان العمل خياطة عشرة أثواب فأكمل منها تسعة ومن العاشر أكثره ثم مات وإنما يتجه الاهدار في مثل ما لو ذهب ليرد ضالته من عشرة فراسخ فرجع خاليا من تسعة فراسخ اختيارا أو بغير اختيار فإنه أمر بسيط و طي المسافة ليس مما يقصد بالذات فلا يتقسط عليه العوض وإذا أبهم العوض كما قال من خاط ثوبي فله مال أو شئ لزمه أجرة المثل مطلقا وخرجت عن الجعالة بناء على ما سبق من اشتراط معلوميته فيها وخص في المشهور بغير رد الآبق لرواية مسمع بن عبد الملك أن النبي صلى الله عليه وآله جعل في الآبق دينارا إذا أخذه في مصره وإن أخذه في غير مصره فأربعة دنانير وعن المفيد أنه ألحق به البعير وقال إن بذلك ثبت السنة باب الإجارة وهي بكسر الهمزة كري الأجير أو مصدر ككتابة بمعنى المؤاجرة أو كإصابة وإقالة ثم نقلت إلى عقد يثمر تمليك منفعة بأجرة ويشترط فيها العلم بكل من المنفعة والأجرة قدر أو صفة بحيث لا يبقى غرر فيه وتقدير الأجرة بالوزن في الموزون والكيل في المكيل والعدد في المعدود مع ضبط الصفة في غير المشاهد بما يرفع الجهالة ولا تكفي المشاهدة على الأحوط خلافا لمن اكتفى بها لزوال معظمها بها وتقدير المنفعة على أحد وجهين بالعمل كخياطة الثوب المعين روميا أو عربيا وركوب الدابة إلى موضع معين مع القافلة أو مسرعا إلا أن يكون هناك عادة معهودة فيكتفي بها في الصفة أو الزمان المعين كخياطة يوم وركوب شهر وما لا يمكن ضبطه إلا بالزمان فلا بد من تقديره به كسكنى الدار والارضاع ونحو ذلك وفي اشتراط اتصاله بالعقد قولان ومختار المصنف العدم وفي الثاني لا يجوز له أن يعمل لغيره فيه إلا بإذنه كما يفهم من موثقة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (ع) في الرجل يستأجر الرجل بأجر معين معلوم فيبعثه في ضيعته فيعطيه رجل آخر دراهم ويقول اشتر بهذا كذا وكذا وما ربحت بيني وبينك فقال إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس أو فيما لم تجر العادة بالعمل فيه للمستأجر كالليل إذا لم يؤد إلى ضعف في العمل المستأجر عليه كما يومي إليه حديث ذكريا المتقدم فإن فعل فالمروي أن ما أصاب فللمستأجر روى ثقة الاسلام عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال من آجر نفسه فقد خطر على نفسه الرزق قال وفي رواية أخرى كيف لا يحظره وما أصاب فهو لربه الذي آجره ولو استأجره ليحمل له متاعا إلى موضع معلوم بأجرة معلومة في وقت معين فإن قصر عنه نقص من أجرته لكل يوم كذا وكذا ففي موثقة الحلبي عن أبي جعفر (ع) أن شرطه هذا جايز ما لم يحط بكراه كله والقول بالبطلان مطلقا لعدم تعيين الأجرة كما لو باعه بثمنين مختلفين على تقديرين اجتهاد في مقابلة للنص ولو قال كل شهر بكذا بطل مطلقا على قول وفيما عدا الشهر الأول خاصة على آخر فيثبت فيه أجرة المثل مع استيفاء المنفعة ولا بد أن تكون كل واحدة منهما مباحة فلو استأجره ليعصر له خمرا مثلا لم تنعقد كما لو كانت هي الأجرة وأما مكاتبة ابن أذينة فيمن يواجر سفينته أو دابته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر قال لا بأس فمحمولة على جهل المؤجر بفعل المستأجر أو كون الحمل للتخليل وأن تكون العين المستأجرة للمؤجر مقدورا على تسليمها ولو مشاعا للمستأجر ليستوفي منفعته والأجرة للمستأجر كذلك حسا وشرعا فيهما فلا تصح إجارة الآبق مطلقا وقيل إلا مع الضميمة أو كون المستأجر قادرا على تحصيله كما في البيع ولا جعله أجرة وكذا العين المرهونة لأنه محجور عنها إلا بإذن المرتهن وأن لا يكون العمل المستأجر له واجبا على الأجير عينا أو كفاية كما تقدم ولا مما لا تجزي النيابة فيه كالقسم بين الزوجات ويجوز للمولى إجارة أمته وكذا للحرة إجارة نفسها للارضاع وغيره من الأعمال المباحة وإن كانت مزوجة مطلقا إن لم يمنع شيئا من حقوق الزوج خلافا لمن خصه بالإذن استنادا إلى أنه مالك لمنافعها بالعقد ولا يجوز نقلها إلى غيره إلا بإذنه وهو ممنوع فإنه إنما يملك منافع الاستمتاع خاصة فليس له المنع في غيرها وإلا توقف على الإجازة قولا واحدا ولو فرض تقدم الاستيجار على النكاح ففي المفاتيح أنه لا اعتراض للزوج قطعا لسبق حق المستأجر وله الاستمتاع بها فيما فضل عنه ويشترط في العين المؤجرة كونها مما يصح الانتفاع به على الوجه المقصود مع بقائه كما ذكره الأكثر واكتفى بعضهم بكونها مما تصح إعادته وتظهر الفائدة في المنحة وأول بما يرجع إلى المشهور ويعتبر في الانتفاع كونه مما يحسن مقابلته بالمال كائنا ما كان وإن كان مثل التجمل بالدراهم والدنانير وشم التفاح والاستظلال بالأشجار ونحو ذلك واحترز باشتراط بقاء العين عما يستهلكه الانتفاع المقصود كالثمرة للأكل والخشبة للاحراق فإنه لا تصح إجارته على القولين كما لا تصح إجارة الأشجار لثمرها أو ورقها أو أغصانها كلها مختلف فيه والأصول لفروعها والأرض لعلفها أو ملحمها والشاة لصوفها أو لبنها ونحو ذلك سواء كانت موجودة أو مترقبة لأنها كلها أعيان لا منافع كما صرحوا به وأما بعض ما صرحوا فيه بالجواز مما يندرج تحت هذه الضابطة مثل ماء البئر للاستقاء واللبن للارضاع والضبع للاصطباغ فاعتذروا فيها بأحد وجوه أما النص وهو قوله (تع) فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن و فعل النبي صلى الله عليه وآله ومن بعده من الأئمة (ع) من استيجار المرضعات وفيه أن تسمية جعل المرضعة أجرا لا يستلزم المطلوب بوجه نظير تسمية مهر المتعة والأمة أجرا والثابت من فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) إنما هو اتخاذ المرضعات لا استيجار لبنهن ومع ذلك فهو أخص من المطلوب
(٢٤٢)