في الاطلاق بل من القريب أن يكون السئول عنهما في الوضوء حيث إن الصوم مظنة المنع والتقبيل واللمس والملاعبة مع شرطين في الجميع أحدهما حركة الشهوة بها أو قبلها كما هو ظاهر الاطلاق خلافا لمن أطلق الكراهة كالمحقق ومن وافقه ولمن قيدها بحركة الشهوة بها كالمصنف في المفاتيح و غيره والآخر ظن عدم الامناء وإلا كان مستمنيا وفي الصحيح عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في الصائم يقبل الجارية أو المرأة فقال أما الشيخ الكبير مثلي ومثلك فلا بأس وأما الشاب الشبق فلا لأنه لا يؤمن والقبلة إحدى الشهوتين وفيه عن الحلبي عنه (ع) أنه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أيفسد ذلك صومه أو ينقضه فقال إن ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني وفيه عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) أنه سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان فقال إني أخاف عليه فليتنزه عن ذلك إلا أن يثق أن لا يسبقه منية وفعل ما يوجب الضعف من دخول الحمام كما في صحيحة محمد بن مسلم واخراج الدم بالحجامة كما في صحاح الأعرج وابن سنان و الحلبي والكراهة فيهما معلقة فيها منطوقا ومفهوما على خشية الضعف ومقتضى ذلك كونها المناط فيعتبر فيهما التقييد ويطلق الحكم في كل مكان نحوهما في العلة المقتضية كالفصد وارتكاب المشقة الشديدة والاسهال والافراط في الجوع وغير ذلك وبل الثوب على الجسد لتظافر الأخبار في النهي عنه وانشاد الشعر في شهر رمضان ليلا أو نهارا وإن كان في أهل البيت (ع) كما في صحيحة حماد بن عثمان ولا يبعد كراهته فيه لغير الصائم أيضا وقد عرفت معنى الشعر فيما سبق ومن الأولى الامساك عن المفطر قبل مراعاة الوقت أولا وآخرا مع القدرة عليها تخلصا عن القضاء اللازم عليه يقينا أو احتياطا لو أنكشف تناوله في غير محله بعد الفجر أو قبل الغروب كما يأتي وفي نسخ ههنا اختلاف وأحسنها ما ذكر ولا بأس بمص الخاتم تسكينا للعطش وتطييبا للفم ويعدان من خواص الياقوت وفي صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يعطش في شهر رمضان قال لا بأس بأن يمص الخاتم وورد في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه لا بأس بذوق المرق ومضغ الطعام للصبي وزق الطاير أي اطعامه بالفم والشيخ خص الرخصة بصاحبة الصبي أو الطباخ الذي يخاف فساد طعامه أو من عنده طاير إن لم يذقه هلك فأما من هو مستغنى عن جميع ذلك فلا يجوز له أن يذوق الطعام لرواية سعيد الأعرج عنه (ع) عن الصائم يذوق الشئ ولا يبلعه قال لا واستقرب المتأخرون الجمع بحملها على الكراهة وقد وقع حصر ما يضر الصائم في غيره في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها وكذا لا يضر الاحتلام نهارا وروي أنه ليس له أن ينام حتى يغتسل ولا الطيب فإنه سنة وعن الحسن بن راشد أنه كان أبو عبد الله (ع) إذا صام تطيب بالطيب ويقول الطيب تحفة الصائم ولا ينافيه كراهة شم الرياحين فإن أحدهما غير الآخر وفي حديث أن عليا كره المسك أن يتطيب به الصائم ولا الاستنقاع في الماء للرجل ويكره للمرأة لرواية حنان بن سدير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا يغمس رأسه والمرأة لا تستنقع في الماء لأنها تحمله بقبلها ومنهم من أوجب به القضاء عليها وربما تزاد الكفارة والرواية قاصرة عنهما باب الآداب المختصة والمشتركة وهي أن يستعد لشهر رمضان من شعبان بتخلية النفس عما ينبغي التخلي عنه لتسهل تحليتها بما ينبغي التحلي به كما تعد المقصود عمارتها بالزرع والغرس قبل الموسم بالتخليص والتنقية عن كل شوك وعشب وحصى وخزف وجلمود وغير ذلك حتى يدخل عليها موسم المطر وهي صالحة لما يقصد منها وذلك بالتوبة القالعة لآثار الذنوب وما يتبعها من رد المظالم واستحلال الخصوم والخروج عن التبعات وترك ما يمكن تركه من الشواغل العائقة عن تمام الاقبال والتوجه إلى العبادة ويدعو عند رؤية هلاله أول ليلة أو إلى ثلاث بشئ من المأثور وأوجب بعض المتقدمين الحمد لله الذي خلقني وخلقك وقدر منازلك وجعلك مواقيت للناس اللهم أهله علينا اهلالا مباركا اللهم ادخله علينا بالسلامة والإسلام واليقين والايمان والبر والتقوى والتوفيق لما تحب وترضى ويخصه عن سائر الشهور بزيادة الصدقة والتلاوة والدعاء فإنه لا يشبه رمضان شئ من الشهور والتماس ادراك فضايل ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر من قبول الأعمال وغفران الذنوب وإجابة الدعوات والتوفيق للخيرات وغير ذلك والاعتكاف لا سيما العشر الأواخر منه فإنها أفضل أوقاته حتى ورد أنه لا اعتكاف إلا في العشر الأواخر من شهر رمضان كما يأتي وأن يغض بصره فيه وفي كل صوم زيادة على سائر الأوقات ولو عبر عنه وعن الأفعال المعطوفة عليه بصيغ المصدر لكان أجود عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم عقلا ويكره شرعا وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله مما متع الله به أزواجا زهرة الحياة الدنيا ويحفظ لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والشتم و الفحش وهو التصريح بالذمائم والجفا وهو الغليظ من القول والخصومة وهي لجاج في الكلام لاستيفاء حق ابتداء أو اعتراضا والمراء وهو الطعن في الكلام باظهار خلل أو طغيان والهذيان ومنه الخوض فيما لا يعنى والسؤل عما لا يهم وعن سائر آفات اللسان كما يأتي ويلزمه السكوت وهي من أحسن حالاته سيما إذا انضم إليه التفكر كما ورد في وصف أولياء الله أو يشغله بذكر الله و تلاوة القرآن وتعليم العلوم ونحوها وفي الخبر أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله (ص) فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تستأذنانه في الافطار فأرسل إليهما قدحا وقال لهما قيئا فيه ما أكلتما فقاءت أحدهما نصفه دما عبيطا ولحما غريضا وقائت الأخرى مثل ذلك ملأتاه فتعجب الناس من ذلك فقال صلى الله عليه وآله هاتان صامتا عما أحل الله لهما و أفطرتا على ما حرم الله عليهما قعدت إحديهما إلى الأخرى فجعلتا تغتابان الناس فهذا ما أكلتا
(١٦٨)